كم من فقير غني النفس نعرفه ... ومن غني فقير النفس مسكين .
ومن هدو رماني لو قصدت له ... إن انطواءك عني سوف يطويني .
إني لأنظر فيما كان من أربي ... وأكثر الصمت فيما ليس يعنيني .
لا أبتغي ونصل من يبغي مقاطعتي ... ولا ألين لمن لا يبتغي ليني .
أتى هو وجماعة من الشعراء إلى هشام بن عبد الملك فتبينهم فلما عرف عروة قال له ألست القائل : لقد علمت وما الإسراف من خلقي... البيتي ! .
فقال عروة : نعم أنا قائلها ! .
قال : فألا قعدت في بيتك حتى يأتيك رزقك ؟ وغفل عنه هشام فخرج عروة من وقته وركب راحلته ومضى منصرفاً ثم افتقده هشام وأتبعه بجائزته وقال للرسول قل له أردت تكذيبنا وتصديق نفسك فلحقه وابلغه الرسالة ودفع إليه الجائزة فقال ؛ قل له : قد صدقني الله وكذبك ! .
وتوفي في حدود التسعين للهجرة . وروى له النسائي وابن ماجه .
ابن عروة اسمه : محمد بن عروة .
عريب .
عريب .
عريب - بفتح العين وكسر الراء - ابن حميد الدهني . روى عن علي وعمار وقيس بن سعد بن عبادة .
المغنية .
عريب المغنية : كانت بارعة الحسن كاملة الظرف حاذقة بالغناء وقول الشعر معدومة المثل اشتراها المعتصم بمائة ألف واعتقها . ويقال إن جعفر البرمكي أحب أمها وأنه اشتراها وأودعها في مكان خوفاً من أبيه فأتت منه بعريب والله أعلم . وتوفيت عريب في حدود الثلاثين والمائتين .
وهي بفتح العين وكسر الراء ؛ وجدته بخط الفضلاء المحررين عريب وبخط بعض الفضلاء عريب بضم العين وفتح الراء . والأول أصح لأن إبراهيم بن المدبر قال فيها : .
زعموا أي أحب عريبا ... صدقوا والله حباً عجيبا .
حل من قلبي هواها محلاً ... لم تدع فيه لخلق نصيبا .
وليقل من قد رأى الناس قدماً ... هل رأى مثل عريب عريبا .
هي شمس والنساء نجوم ... فإذا لاحت أفلن غروبا .
قلت : وأهل عصرها أخبر باسمها وخصوصاً من بينه وبينها مطارحات وعشرة متصلة . ومن شعره فيها أيضاً : .
ألا يا عريب وقيت الردى ... وجنبك الله صرف الزمن .
فإنك أصبحت بين النساء ... واحدة الناس في كل فن .
فقربك يدني لذيذ الحياة ... وبعدك ينفي لذيذ الوسن .
فنعم الجليس ونعم الأنيس ... ونعم السمير ونعم السكن .
وكانت ذات جوار مشهورات بالغناء فمنهن تحفة الزامرة وبدعة المغنية . وفيهما يقول إبراهيم بن المدبر : .
إن عريباً خلقت وحدها ... في كل ما يحسن من أمرها .
ونعمة الله في خلقه ... يقصر العالم عن شكرها .
أشهد في جاريتيها على ... أنهما محسنتا دهرها .
فبدعة تبدع في شدوها ... وتحفة تتحف في زمرها .
يا رب أمتعها بما خولت ... وامدد لنا يا رب في عمرها .
وكانت من جواري المأمون وكان شديد الكلف بحبها . ومن شعرها : .
وأنتم أناس فيكم الغدر شيمة ... لكم أوجه شتى وألسنة عشر .
عجبت لقلبي كيف يصبو إليكم ... على عظم ما يلقى وليس له صبر .
حكي أن المأمون أنشدها مداعباً : .
أنا المأمون والملك الهمام ... علي أني بحبك مستهام .
أترضي أن أموت عليك وجداً ... ويبقى الناس ليس لهم إمام .
فقالت له : يا أمير المؤمنين ! .
والدك أمير المؤمنين هارون الرشيد أعشق منك حين يقول : .
ملك الثلاث الآنسات عناني ... وحللن من قلبي بكل مكان .
ما لي تطاوعني البرية كلها ... وأطيعهن وهن في عصياني .
ما ذاك إلا أن سلطان الهوى ... وبه قوين أعز من سلطاني .
وذلك أن والدك أمير المؤمنين قدم ذكر جواريه على نفسه وأنت قدمت ذكرك على من زعمت أنك تهواه فقال لها المأمون : صدقت إلا أنني منفرد بحبك وحب الرشيد منقسم بين ثلاث جواري وشتان بين ربيبي الحبين ! .
فقالت له : أعرفهن يا أمير المؤمنين أما الواحدة وهي فلانة وكانت هي المقصودة بحبه وأما الأخريان فهما محبوبتان لها فأحبهما لأجلها وقربهما إلى بسببها من قلبه كما قال خالد بن يزيد بن معاوية في رملة :