لقد نطقت فيه مخايل جده ... بأفصح من نطق القريض وأبدع .
غدا الملك المنصور كالناصر الهدى ... يسير على نهج من العدل مهيع .
سقاك وحياك يا ابن يوسف ... بأصبغ من صنعاء صنعاً وأصنع .
ولولا التقي والدين قلت وجادها ... مصفق كاسات المدام المشعشع .
رضي الدين الدمشقي .
عثمان بن يوسف بن حيدرة الطيب التاجر جمال الدين ابن الطيب العلامة رضي الدين الرحبي ثم الدمشقي . برع في علم الطب على والده وخدم في البيمارستان . وكان يسافر في التجارة إلى مصر فتوجه في الجفل ومات هناك سنة ثمان وخمسين وست مائة . وسيأتي ذكر أخيه شرف الدين على بن يوسف ابن الرحبي .
النويري المالكي .
عثمان بن يوسف ابن أبي بكر . القاضي المحدث الفقيه الورع الصالح فخر الدين ؛ أبو محمد النويري المالكي . ولد سنة ثلاث وسبعين وست ماية . وصحب والده القدوة الزاهد علم الدين وتفقه به وبجماعة وأفتى ودرس . وكان كثير الحج والمجاورة والتأله والصدق والإخلاص .
الحلبوني العابد .
عثمان . أبو عمرو الصعيدي الحلبوني سمي بذلك إقامته مدة بحلبون - بالحاء المهملة وبعد اللام باء موحدة وبعد الواو نون - الشيخ الصالح العابد . كان فيه تأله وصدق وتؤثر عنه أحوال وتوجه وتأثير . أقام مدة ببعلبك ومدة ببرزة .
ولما توفي سنة ثمان وسبع ماية طلع الأفرم إلى جنازته والقضاة . وكان قانعاً متعففاً ترك أكل الخبز مدة سنين عديدة وقال إنه يتضرر بأكله .
عين غين المصري .
عثمان الفخر المصري المعروف بعين غين . قال أبو شامة : جاءنا الخبر بوفاته من مصر سنة اثنتين وستين وست ماية .
الدكالي الصوفي .
عثمان الصوفي بخانقاه الشميشاطية كان يعرف بالدكلي يتردد إليه الناس ويجتمعون به واستخف بعض العوام وسلك شيئاً من الطرق التي تحكى عن ابن الباجربقي وقال : أنا أدلكم على الطريق إلى الله ! .
وخالف القواعد الشرعية وتبعته جمعية وشاع أمره فأمسك واعتقل وأحضر دار العدل مرات أيام الأمير علاء الدين ألطنبغا وأدوا عليه شهادات عجيبة ولم يعترف بشيء فلما كان حادي عشرين ذي القعدة سنة إحدى وأربعين وسبع ماية يوم الثلاثاء أحضر في زنجير وبلاس وحضر الشيخ جمال الدين المزي والشيخ شمس الدين الذهبي وجماعة وشهدوا بالاستفاضة عنه أنه قال ما ادعي عليه فحكم القاضي شرف الدين المالكي بإراقة دمه فضربت رقبته في سوق الخيل . ولم يكن ذلك رأي النائب ولا رأي قاضي القضاة شرف الدين وتقي الدين السبكي الشافعي حكي لي العلامة قاضي القضاة تقي الدين قال ؛ قال لي الأمير علاء الدين ألطنبغا : لما كانت ليلة الثلاثاء أفكرت في أنهم يحضرون عثمان الصوفي وأبتلش بأمره وقصدت دفع أمره عني فقلت : غداً ما أعمل دار عدل وأركب بكرة وأروح ! .
فلما أصبحت أرسل الله علي النوم فنمت إلى أن طلع النهار وتعالى فدخلوا إلي وقالوا : إن القضاة والحجاب والجماعة حضروا وهم في انتظارك فالتزمت بعمل دار العدل ذلك النهار أو كما قال وحكى لي هو عن نفسه قال : أردت وأنا خارج من دار السعادة أن أقول لنقيب المتعممين أن يتوجه إليهم ويقول لهم أن لا يعجلوا في أمره فأنساني الله ذلك إلى أن فرط فيه الأمر أو كما قال . ولم أر أثبت جناناً منه ولا أملك لأمر نفسه .
ابن أبي النوق .
هو فخر الدين عثمان من أهل المغرب . رأيته بدمشق وبحلب ولم أر من له قدرته على ارتجال النظم وسرعة بديهته يكاد أنه لا يتكلم في جميع مخاطباته ومحاوراته إلا بالشعر . ولما وصف لي ذلك رأيته بالجامع الأموي بدمشق . فأتيت إليه وهو واقف بباب الساعات وكان ذلك اليوم يوم نصف شعبان سنة إحدى وعشرين وسبع ماية أو اثنتين وعشرين وسبع ماية فقالوا له : هذا فلان يشتهي أن يسمع منك شيئاً من نظمك ! .
فأنشدني في الحالة الراهنة من غير فكر ولا روية ثلاثة أبيات في الجامع والقناديل التي علقت به لأجل النصف وذكراً لقومه واجتماع الناس للفرجة فيه كأنما كان يحفظ ذلك ويكرر عليه ومضى ولم أحفظ الأبيات المذكورة ! .
وآخر عهدي به بحلب سنة ثلاث وعشرين وسبع ماية وكان قد أخذ يعمل مجلساً يفسر فيه القرآن الكريم ؛ أخبرني القاضي شهاب الدين ابن فضل الله قال : رآني مرة وفي يدي كتاب له فاتحة ذهب فأنشدني كما أنه يتحدث :