ولكن قول القلعي أحسن ديباجة .
ومن قوله أيضاً : .
كأن رياض ساحته سماء ... وناجم زهرها زهر النجوم .
نزلنا من رباه فوق هام ... معممة من النبت العميم .
تعطرنا الرياح به كأنا ... نسوم المسك من كف النسيم .
فخر الدين الكفتي المقاتلي .
عثمان بن لبان المحدث . فخر الدين الرومي المقاتلي الدمشقي الكفتي .
سكن مصر سنوات وداخل الرؤساء إلى أن صار معيداً في المنصورية للحديث . وكان حلو المحاضرة يحفظ بعض القرآن .
توفي سنة ست عشرة وسبع ماية . وكان مولده في سنة خمس وسبعين وست ماية . وسمع من ابن القواس ويوسف الغسولي وابن عساكر وبحلب من سنقر الزيني مملوك ابن الأستاذ وبمصر من الدمياطي وطبقته . وعني بالرواية ونسخ الأجزاء وحصل . قال الشيخ شمس الدين : كتبت عنه وكتب عني وكان في ورعه نقص وغيره أدين منه وليس له محفوظ ولا ختم قرآن .
العتكي .
عثمان بن جبلة ابن أبي رواد العتكي مولاهم . وثقة أبو حاتم وغيره .
مات فجاءة في حدود الثمانين والماية . وروى عنه البخاري ومسلم والنسائي .
أبو الفتح النحوي .
عثمان بن جني أبو الفتح النحوي . الإمام . العلامة . من أحذق النحاة .
وكان أكمل علومه التصريف . ولم يتكلف أحد ولم يتكلم أدق من كلامه في التصريف . مولده قبل الثلاثين والثلاث ماية . وتوفي سنة اثنتين وتسعين وثلاث ماية . وخلف من الأولاد : علياً وعالياً والعلاء وكلهم أدباء فضلاء قد خرجهم والدهم وسمعهم وحسن خطوطهم وهم معدودون في صحيحي الضبط وحسني الخطوط . وكان أبوه مملوكاً رومياً لسليمان بن فهد الموصلي وكان أعور ومن شعره في ذلك : .
صدودك عني ولا ذنب لي ... دليل على نية فاسده .
فقد وحياتك مما بكيت ... خشيت على عيني الواحده .
ولولا مخافة أن لا أراك ... لما كان في تركها فائده .
اجتاز أبو علي الفارسي بالموصل فمر بالجامع وأبو الفتح يقرئ النحو وهو شاب فسأله أبو علي مسألة في التصريف فقصر فيها أبو الفتح فقال له : زببت قبل أن تحصرم ! .
فلزمه من يومئذ مدة أربعين سنة واعتنى بالتصريف . ولما مات أبو علي تصدر ابن جني مكانه ببغداد وأخذ عنه الثمانيني وعبد السلام البصري وأبو الحسن السمسمي . وجرى بينه وبين أبي نصر بشر بن هارون كلام في معنى شيطان يقال له : العوار أو العدار وإذا لقي إنساناً وطئه فقال له ابن جني : بودك لو لقيك فإنه كان لأمنيتك دواء ! .
فقال أبو نصر : .
زعمت أن العذار خدني ... وليس خدناً لي العذار .
عفر من الجن أنت أولى به ... ففيهم لك افتخار .
فالجن جن ونحن إنس ... شتان هذان يا حمار .
ونحن من طينة خلقنا ... خلق الجن منه نار .
العر والعار فيك تما ... والعور التام والعوار .
وكان يوماً يتحدث بحضرة أبي الحسين القمي الكاتب وكانت لأبي الفتح عادة إذا تحدث أن يميل بشفتيه ويشير بيده فبقي القمي شاخصاً إليه فقال أبو الفتح : مالك تحدق إلي وتكثر التعجب مني ؟ قال : شبهت مولاي الشيخ وهو يتحدث ويقول ببوزه كذا وبيده كذا بقرد رأيته اليوم عند صعودي إلى دار المملكة وهو على شاطئ دجلة يفعل ما يفعله مولانا ! .
فامتعض أبو الفتح وقال : ما هذا القول - أعزك الله - ومتى رأيتني أمزح معك فتمزح معي بمثل هذا ! .
فلما رآه أبو الحسين قد استشاط غضباً قال : المعذرة إليك أيها الشيخ عن أن أشبهك بالقرد وإنما شبهت القرد بك ! .
فضحك أبو الفتح وقال : ما أحسن ما اعتذرت ! .
وعلم أنها نادرة تشيع فكان أبو الفتح يتحدث بها دائماً ! .
واجتاز يوماً بأبي الحسين المذكور في الديوان وبين يديه كانون فيه نار والبرد شديد فقال له أبو الفتح : تعال أيها الشيخ إلى النير ! .
فقال : أعوذ بالله ! .
وقال ابن الزمكدم الموصلي يهجو ابن جني : .
يا أبا الفتح قد أتيناك للتد ... ريس والعلم في فنائك رحب .
فوجدنا فتاة بيتك أنحى من ... ك والنحو مؤثر مستحب .
قدماها مرفوعة وهي خفض ... فلم الأير فاعل وهو نصب .
مذهب خالفت شيوخك فيه ... فهي تصبي به الحليم وتصبو