لا خفف الله عني إن مددت يدي ... إليه أسأله من حبك الفرجا .
ومن شعره وهو بليغ : .
ذبت حتى خلت أن الله قد ... خلق الروح ولم يخلق بدن .
ليس إلا نفس يجري به ... ذكركم حتى إذا تم سكن .
ومن شعره أيضاً : .
أراك فأشتهي لو كنت كلي ... عيوناً لا تكون لها جفون .
ولكني اعتقدت على يقين ... بأن الحب أسهله المنون .
قلت : يريد بالأول أن يكون عيوناً بلا جفون حتى لا يطرف بجفونه فلا يفوته النظر إليه مدة الطرف بل يكون دائماً محدقاً إليه . ومن شعره : .
لا عذر للصب إذا لم يكن ... يخلع في ذاك العذار العذار .
كأنه في خده إذا بدا ... ليل تبدى طالعاً في نهار .
كأنه جنح ظلام وقد ... صاح به ضوء نهار فحار .
قلت : قد اشتهر بين أهل العلم استعارة الشاعر وأنها قبيحة في قوله : .
والشيب ينهض في الشباب ... كأنه ليل يصيح بجانبيه نهار .
ومن شعر ابن المفرج يهجو : .
ولحية لينة الجس ... تنساب في الشق بلا حس .
لو قعد الجالس في وسطها ... لما رأته أعين الإنس .
كأنها الترس ولكنها ... أخشن في العين من الترس .
؟ المجدولي المغربي .
عتيق بن عبد العزيز المذحجي المعروف بالمجدولي . كان من أبناء قمودة ونشأ بقرية مجدولة فإليها ينسب . توفي سنة تسع وأربع ماية . وقد أوفى على الأربعين .
كان شاعراً شريراً منابشاً هجاءاً معجباً سريع البديهة مدللاً على الكلام لا يطلب إلا الوزن مسامحاً لنفسه في العربية إن أعوزته لفظة صنعها على ما يشاء ويروي بيتاً شاهداً عليها وإن طولب به أحال على كتاب لم يسمع بذكره قط .
قال ابن رشيق أنشد الباغاني قصيدة فيها مائة بيت وبيت زائد فقال : ما هذا ؟ فقال : لأن توتر خير من أن لا توتر ! .
ثم سأله : كيف رأيت ؟ فقال : زدتني واحدة على حد الزنا فانصرف حرداً وقال يهجوه : .
وكاتب يمسخ ما ينسخ ... جميع ما يكتبه يفسخ .
حرت فلا أدري أأثوابه ... أم عرضه أم حبره أوسخ .
فتغاضى الباغاني زماناً ثن أغرى به أبا البهلول وكان قد ساعد الصرائري على هجائه فقال من أبيات : .
بالقيروان ورب الناس يعلمه ... شيخ أقام لواء الشيخ إبليس .
صار الوزير وكانت أمس خطته ... بيع النبيذ وتطريب النواقيس .
فأفلت الصرائري وأمسك المجدولي فضربه القائد فتوح بن أحمد ثمانين سوطاً فكان الباغاني يقول : بقي لي والله في ظهره ثلاث وعشرون جلدة بإضافة البيتين إلى باقي القصيدة : .
ألم هدوا حين لا عين كاشح ... تخاف ولا الخلخال يغري ولا السمط .
فطرف حتى صاح بالليل صائح ... من الفجر واستولى على فرعه الوخط .
فلم ير مثلي في الهوى ذا حفيظة ... ولم أر طيفاً طارقاً مثله قط .
منها : .
وليل بطيء النجم داج سريته ... على حين لا يرجى لآخره شط .
كأن الثريا في ذراه مقصر ... سباحة بحر فهو يخطو ولا يخطو .
ابن أبي العرب المغربي .
عتيق بن حسان بن خلف لأبي العرب . أورد له ابن رشيق في الأنموذج قوله : .
ولت بشاشة ذاك العيش فانصرفت ... فليس لي غير أشواقي وتذكاري .
وقد رأيت بياض الشيب يزجرني ... عن الصبا وبه وعظي وإنذاري .
وحسب نفسي أن تأتي بموعظتي ... ما بين ظاهر أفعالي وإقراري .
جلى عماية ذاك الغي عن بصري ... حتى تبصرت خوف الله والنار .
كأنني بيقين منك وازرني ... فحط عني أبا العباس أوزاري .
منها : .
رفضت دنياك رفض المستقل لها ... ولم تكن لتبيع الدار بالدار .
هذا وأنت بدهر لا جواز به ... كأنك الخير مقروناً بأشرار .
لولا التضادد في الأشياء ما ظهرت ... في ظلمة الليل مسرى الكوكب الساري .
وقوله في هذا المعنى : .
يزداد في ظلم الخطوب ضياؤه ... كالبدر معظم نوره في الحندس .
وقوله :