فإن كنت عن شكري غنياً فإنني ... إلى شكر ما أوليتني لفقير .
فقلت له : هذا أعز الله الأمير حسن ! .
فقال : أحسن منه ما سرقته منه ! .
فقلت : ما هو ؟ . فقال : حديثان حدثني بهما أبو الصلت الهروي بخراسان عن أبي الحسن الرضا عن آبائه عن رسول الله A أنه قال : يؤتى بعبد فيوقف بين يدي الله D فيؤمر به إلى النار فيقول : أي ري ! .
لم أمرت بي إلى النار ؟ فيقول لأنك لم تشكر نعمتي ! .
فيقول : يا رب ! .
إنك أنعمت علي بكذا فشكرت بكذا . فلا يزال يحصي النعم ويعدد الشكر فيقول الله تعالى : صدقت عبدي إلا أنك لم تشكر من أنعمت عليك بها على يديه ! .
وقد آليت على نفسي أن لا أقبل شكر عبد على نعمة أنعمتها عليه أو يشكر من أنعمت بها على يديه ! .
قال : فانصرفت بالخير إلى أبي الحسن وهو في مجلس أخيه أبي العباس أحمد بن محمد وذكرت لهما ما جرى فاستحسن أبو العباس ما ذكرته ورد إلى عبيد الله بر أوسع من بر أخيه فأوصلته إليه فقبله وكتب إليه : .
شكريك معقود بإيماني ... حكم في سري وإعلاني .
عقد ضمير وفم ناطق ... وفعل أعضاء وأركان .
فقلت له : هاذ أعز الله الأمير أحسن من الأول ! .
فقال : أحسن منه ما سرقته منه ! .
فقلت : وما هو ؟ فقال : حدثني أبو الصلت الهروي بخراسان عن أبي الرضا عن أبي الحسن موسى بن جعفر الكاظم عن الصادق عن الباقر عن السجاد عن السبط عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم ؛ قال قال رسول الله A : الإيمان عقد بالقلب ونطق باللسان وعمل بالأركان ؛ قال : فعدت إلى العباس فحدثته بالحديث وكان في مجلسه محمد بن إسحاق ابن راهويه المتفقه فقال : ما هذا الإسناد ؟ قال ابن رشيد فقلت : هذا سعوط السبليا الذي إذا سعط به المجنون برئ ! .
ومن شعر عبيد الله : .
ألا أيها الدهر الذي قد مللته ... لتخليطه حتى مللت حياتي .
فقد وجلال الله حببت دائباً ... إلي على بغض الوفاة وفاتي .
ومنه : .
إلى كم يكون العتب في كل حالة ... ولم لا تملين القطيعة والهجرا .
رويدك إن الدهر فيه كفاية ... لتفريق ذات البين فانظري الدهرا .
وكان عبيد الله قد مرض فعاده الوزير فلما انصرف عنه كتب إليه : ما أعرف أحداً جزى العلة خيراً غيري فإني جزيتها الخير وشكرت نعمتها علي إذ كانت إلى رؤيتك مؤدية فأنا كالأعرابي الذي جزى يوم البين خيراً فقال : .
جزى الله يوم البين خيراُ فإنه ... أرانا على علاتها أم ثابت .
أرانا ربيبات الخدور ولم نكن ... نراهن إلا بانتعات النواعت .
ومن شعر عبيد الله أيضاً : .
إن الأمير هو الذي ... يضحي أميراً يوم عزله .
إن زال سلطان الولا ... ية لم يزل سلطان فضله .
ومنه : .
إقض الحوائج ما استطع ... ت وكن لهم أخيك فارج .
فلخير أيام الفتى ... يوم قضى فيه الحوائج .
أحد الفقهاء السبعة .
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود بن غافل بن حبيب ينتهي إلى عدنان . أبو عبد الله الهذلي . أحد الفقهاء السبعة بالمدينة . وهو أخو المحدث عون وجدهما عتبة هو أخو عبد الله بن مسعود الصحابي . وكان من أعلام التابعين .
لقي خلقاً كثيراً من الصحابة ؛ وسمع من ابن عباس وأبي هريرة وعائشة . وقال الزهري : أدركت أربعة بحور فذكر عبيد الله ! .
وقال : سمعت من العلم شيئاً كثيراً فظننت أني قد اكتفيت حتى لقيت عبيد الله ؛ فإذا كأني ليس في يدي شيء ! .
وكان مؤدب عمر بن العزيز وكان عمر يقول : لأن يكون لي مجلس من عبيد الله أحب إلي من الدنيا . وكان عالماً ناسكاً .
وتوفي سنة اثنتين وماية . وقيل : سنة تسع وتسعين . وقيل : سنة ثمان وتسعين . وقيل : سنة سبع وتسعين بالمدينة .
وأورد له أبو تمام في الحماسة : .
شققت القلب ثم ذررت فيه ... هواك فليم فالتأم الفطور .
تغلغل حب عثمة في فؤادي ... فباديه مع الخافي يسير .
توغل حيث لم يبلغ شراب ... ولا حزن ولم يبلغ سرور