وحضر يوماً الشهود وكتبوا إشهاداً على المعتضد وكتبوا : إن أمير المؤمنين أبا العباس المعتضد بالله أشهدهم على نفسه في صحة منه وجواز أمر وعرضت النسخة على الوزير أبي القاسم فضرب عليها وقال : هذا لا يحسن كتبته عن الخليفة ! .
اكتبوا في : سلامة من جسمه وإصابة من رأيه . ولما استتر عند ابن أبي عوف دخل عليه بوماً في حجرة أفردها له فقال له وقال : يا سيدي ! .
إخبأ لي هذا القيام إلى وقت أنتفع به ! .
فما كان بعد مدة حتى ولي الوزارة فاستدعاه فصار إليه وهو في مجلسه بخلعته والناس عنده على طبقاتهم فلما رآه قام قائماً وعانقه وقال : هذا وقت تنتفع بقيامي وأجلسه معه على طرف الدست فما مضت ساعة حتى استدعاه المعتضد فدخل إليه وغاب ثم حضر وأخذ بيده إلى مكان خلوته وقال : إن الخليفة طلبني بسببك لأنه كوتب بخبرنا وأنكر علي وقال : تبذل مجلس الوزارة لتاجر ! .
ولو كان هذا لصاحب طرف كان محظوراً أو ولي عهد كان كثيراً ! .
فقلت : يا أمير المؤمنين ! .
لم يذهب علي حق المجلس ولكن لي عذر وأخبرته خبري معك ! .
فقال : أما الآن فقد عذرتك ! .
ثم قال له : إني قد شهرتك شهرة إن لم يكن معك ألف دينار معدة للنكبة هلكت ! .
فيجب أن نحصلها لك لهذه الحالة فقط صم نحصل لك نعمة بعدها ! .
ثم قال : هاتم فلان الكاتب فجاء فقال : أحضر الساعة التجار وسعر ماية ألف كر من غلات السلطان بالسواد عليهم فخرج وعاد وقال : قررت معهم ذلك ! .
فقال : بع على أبي عبد الله هذه الغلة بنقصان دينار واحد بما أقررت به السعر مع التجار وبعه لهم بالسعر الذي قررته معهم وطالبهم الساعة بفضل ما بين السعرين وأخرهم بالثمن إلى أن يتسلموا الغلال واكتب إلى النواحي بتقبيضهم ذلك فقال من المجلس وقد حصل له ماية ألف دينار . ثم قال له : إجعل هذه أصلاً لنعمتك ولا يسألنك أحد من الخلق شيئاً إلا أخذت رقعته ووافقته على أجرة ذلك وخاطبني فيه . وكان يعرض عليه في كل يوم ما يصل إليه بما فيه ألوف دنانير ويدخل في المكاسب الجليلة وكان ربما قال له في بعض الرقاع : كم قرروا لك على هذه ؟ فيقول : كذا ! .
فيقول له الوزير : هذه تساوي أكثر من ذلك إرجع إليهم ولا تفارقهم إلا بكذا ! .
وكان ممن خدمه في أيام نكبته رجل يعرف بيعقوب الصايغ وكان عامياً ساقطاُ فقلده لما ولي الوزارة حسبة الحضرة فلما عزم الوزير على الشخوص إلى الجبل جلس يوماً للنظر فيما يحمل معه من خزانته ومن يشخص معه من أصحابه وخدمه ويعقوب حاضر للخاصية التي كانت له به فأمر بما يحمل معه فما انتهى إلى فصل منه قال له يعقوب بغباوته وعاميته : ويحمل كفن وحنوط ! .
فتطير من ذلك وأعرض عنه وأخذ يأمر وينهى ! .
ولما انتهى إلى فصل من كلامه كرر يعقوب ذلك القول ! .
فأعرض عنه ضجراً وفعل ذلك ثالثاً فقال الوزير : يا هذا أتخاف علي إن أنا مت أن أصلب أو أطرح على قارعة الطريق بغير كفن ؟ إن تعذر الكفن لفوني في ثيابي ! .
ومن شعره : .
كفاية الله خير من توقينا ... وعادة الله في الماضين تكفينا .
كاد الأعادي فلا والله ما تركوا ... قولاً وفعلاً وتلقيناً وتهجينا .
ولم نزد نحن في سر ولا علن ... شيئاً على قولنا يا رب إكفينا .
فكان ذاك ورد الله حاسدينا ... بغيظه لم ينل تقدريه فينا .
خطيب رنده .
عبيد الله بن عاصم بن عيسى بن أحمد الخطيب . أبو الحسين الأسدي الرندي خطيب رندة - بالراء والنون - وعاملها ومسند الأندلس في وقته .
ولد سنة اثنتين وستين وخمس ماية . وتوفي سنة تسع وأربعين وست ماية .
سمع الحافظين أبي بكر ابن الجد وأبي عبد الله ابن زرقون وغيرهما . وكان من أهل العناية بالرواية .
الهاشمي أبو محمد .
عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب . ولد في حياة النبي A وهو شقيق عبد الله . قيل : له رؤية . وروى له النسائي وأبو داود .
وتوفي في حدود التسعين للهجرة