ومن شعره من قصيدة : .
بعثوا برأس العلج عنه مخبراً ... يا من رأى ميتاً يقول ويخبر .
فسما به متن القناة كواعظ ... يسمو به بين المعاشر منبر .
وكأنه قد أثمرته قناته ... يا من رأى غصناً برأس يثمر .
ومنه قوله أيضاً : .
أنظر إلى رأس نأى عن جمسه ... ولرب نأي ليس فيه تلاق .
أضحى له سور المدينة جثة ... من غير رجل ظاهر أو ساق .
وكأن ذاك السور مقعد نزهة ... وكأنه متشوف من طاق .
قلت ؛ الثاني مأخوذ من قول الأول : .
وعاد لكنه رأس بلا جسد ... وجاء يسعى على ساق بلا قدم .
إذا تراآى على الخطي أسفر في ... حال العبوس لنا عن ثغر مبتسم .
وما أحسن قول أبي فراس وقد عاد سيف الدولة ورأس القرمطي بين يديه على رمح : .
وأنقذ من ثقل الحديد ومسه ... أبا وائل والدهر أجدع صاغر .
وآب ورأس القرمطي أمامه ... له جسد من أكعب الرمح ضامر .
ومن شعر ابن الفرس ؛ وتروى لغيره : .
أأدعو فلا تلوي وأنت قريب ... وأشكو فلا تشكي وأنت طبيب .
فهل شيب من تلك المصافاة مشرع ... وهيل على ذاك الإخاء كثيب .
ومنه في صدر رسالة : .
ما بالنا متهماً ودنا ... ونحن في ودكم نقتبل .
كأنكم مثل فقيه رأى ... أن يترك الظاهر للمحتمل .
ومنه في خسوف القمر : .
تلطع البدر لم يشعر بناظره ... حتى استوى ورأى النظار فاحتجبا .
كالخود ألقت رواق الخدر ناظرة ... ثم استردت حياء فوقها الطنبا .
قال ابن الأبار في تحفة القادم ؛ ولي في ذلك : .
ألم تر للخسوف وكيف أودى ... ببدر التم لماع الضياء .
كمرآة جلاها الصقل حتى ... أنارت ثم ردت في غشاء .
وقال ؛ ولي فيه أيضاً بعكس المعنى وإبقاء التشبيه : .
تناولت المرآة وهي صقيلة ... تأمل وجهاً دونه ذلك الصقل .
فلما تناولت أودعتها غشائها ... وقد حدث القرطاس واستمع الحجل .
فشبهتها بدراً علاه خسوفه ... فأظلم منه ما أنار له قبل .
ومن شعر ابن الفرس في تفاحة : .
وتفاحة يهدي إليك نسيمها ... فما شئت من طيب ينم لناشق .
تروقك منها خمرة فوق صفرة ... كوجنة معشوق على خد عاشق .
ومن شعره في نارنجة وسط نهر : .
ونارنجة في النهر تحسب أنها ... شرارة جمر في الرماد تلوح .
وما هو إلا الروض أبدى شقيقة ... يهدهدها غصن هناك مروح .
أو الدرع تضفو فوق أعطاف فارس ... غدا في رحى الهيجاء وهو جريح .
تغيب وتبدو مرة فكأنها ... عقيقة برق في الخبي تلوح .
كأن حباب الماء يكتم سرها ... وقد جعلت تفشو به وتبوح .
وقال ابن الفرس هذه الأبيات بجزيرة شقر وفي نهرها أبصر تلك النارنجة وجاراه فيها جماعة منهم أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن فتحون المخزومي فقال : .
ولقد رميت مع العشي بنظرة ... في منظر غض البشاشة يبهج .
نهر صقيل كالحسام كأنه ... روض لنا نفحاته تتأرج .
تثني معاطفه الصبا في بردة ... موشية بيد الغمامة تنسج .
والماء فوق صفائه نارنجة ... تطفو به وعبابه يتمرج .
حمراء قانية الأديم كأنها ... وسط المجرة كوكب يتوهج .
وقال أبو المطراف ابن أبي بكر بن سفيان المخزومي في ذلك : .
ومنظر قد راقني حسنه ... من أزرق ينساب كالأرقم .
أبصرته يحمل نارنجة ... طافية حمراء كالعندم .
ودرجت ريح الصبا متنه ... لما انبرت وهي بها ترنمي .
فخلته مهنداً مصلتاً ... هز وفيه قطرة من دم .
وقال محمد بن إدريس المعروف بابن مرج كحل : .
وعشية كانت قنيصة فتية ... ألفوا من الأدب الصريح شيوخا .
وكأنما العنقاء قد نصبوا لها ... من الانحناء إلى الوقوع فخوخا