كان علامة زمانه في صناعة الطب والكحل وأعمالها بارعاً في الأدب وصناعة الشعر وعمل المدائح . وعمر طويلاً . وكان له حانوت في اللبادين لصناعة الطب . وكان السلطان صلاح الدين يرى له ويحترمه . وله فيه مدائح كثيرة وصنف له كتباً . وكان يعاني صناعة الكيمياء وتوفي في دمشق وخلف ولده عبد المؤمن ؛ وكان كحالاً وله شعر أيضاً ؛ وخدم بصناعة الكحل الملك الأشرف موسى وتوفي بالرها سنة نيف وعشرين وست ماية . ولحكيم الزمان عبد المنعم فيمل قاله من منظوم الكلام ومطلقه عشرة دواوين : الأول ديوان الحكم ومنظوم الكلم ؛ الثاني ديوان المشوقات إلى الملأ الأعلى نظم ؛ الثالث ديوان أدب السلوك وهو حكم ؛ الرابع ديوان نوادر الحي حكم في معان من القرآن والحديث ؛ الخامس تحرير النظر كلام حكم في البسائط والمركبات والقوى والحركات ؛ السادس سر البلاغة وصناعة البديع في فصل الخطاب ؛ السابع ديوان المبشرات وهو نثر وتدبيج ؛ الثامن ديوان الغزل والنسيب والموشحات والدوبيت ؛ التاسع ديوان تشبيهات وألغاز ورموز وأحاجي وأوصاف وخمريات ؛ العاشر ديوان ترسل ومخاطبات . وله أيضاً كتاب منادح الممادح وروضة المآثر والمفاخر في خصائص الملك الناصر .
ومن شعره يمدح صلاح الدين : .
كليني لكر الخيل يا أم مالك ... فما الأين إلا في متون الصواهل .
فبحر الوغى لولا السوابح صادرت ... بنا لجة لم نحط منها بساحل .
فلا تخطبي يا هند لي غادة سبت ... بنطق وشاح أو بصمت خلاخل .
فليست ذيول فوق حجب تروقني ... ولكن خيول تحت سحب قساطل .
فلا هلك إلا في نحور نواهد ... ولا ملك إلا في صدور عوامل .
ولا ملك يأتي كيوسف آخراً ... كما لم يجئ مثل له في الأوائل .
فتى ركب الأهوال خيلاً سروجها ... عزائم شدت للثبات بكاهل .
وهي طويلة جيدة . ومنه : .
فأبخس شيء حكمة عند جاهل ... وأهون شيء فاضل عن ظالم .
فلو زفت الحسناء للذئب لم يكن ... يرى قربها إلا لأكل المعاصم .
ومنه : .
عجباً من أحبابنا وانقيادي ... طوعهم إن شفوا وإن أقرضوني .
ما رضاهم إلا بسخط سواهم ... في هواهم وحبذا إن رضوني .
ومنه : .
أؤمل لقياكم وإن شطت النوى ... وأزجر قرباً في مرور السوابح .
ويذكي اشتياقي زند تذكار عهدهم ... وما الشوق إلا بعض نار الحوائج .
ومنه : .
قالوا نرى نفراً عند الملوك سموا ... وما لهم همة تسمو ولا وزع .
وأنت ذو همة في الفضل عالية ... فلم ظمئت وهم في الجاه قد كرعوا .
فقلت باعوا نفوساً واشتروا ثمناً ... وصنت نفسي فلم أخضع كما خضعوا .
قد يكرم القرد إعجاباً بخسته ... وقد يهان لفرط النخوة السبع .
ومنه : .
بذلت وقتاً للطب كب لا ... ألقى بني الملك بالسؤال .
وكان وجه الصواب في أن ... أصون نفسي بلا ابتذال .
لا بد للجسم من قوام ... فخذه من جانب اعتدال .
وأقرب من العز في اتضاع ... واهرب من الذل في المعالي .
الباجسرائي الحنبلي .
عبد المنعم بن محمد بن الحسين بن سليمان أبو محمد ابن أبي نصر الفقيه الحنبلي الباجسرائي . قدم بغداد صبياً وقرأ الفقه على أبي الفتح ابن المني ولازمه حتى برع فيه . وقرأ الأصول والخلاف والجدل على محمد بن علي النوقاني .
ودرس بمسجد ابن المني بالمأمونية ؛ وكان يؤم الناس بمسجد الآجرة . وتولى الخزن بالديوان . وكانت له حلقة بجامع القصر يتكلم فيها في مسائل ويحضره الفقهاء . وكان ديناً حسن الطريقة . وسمع من شهدة الكاتبة وغيرها .
ولد سنة تسع وأربعين أو سنة خمسين وخمس ماية . وتوفي سنة اثنتي عشرة وست ماية .
ابن الفرس المالكي .
عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم بن أحمد الخزرجي القاضي المعروف بابن الفرس المالكي الغرناطي . سمع أباه وجده أبا القاسم وتفقه في كتب أصول الدين والفقه وبرع وألف كتاباً في أحكام القرآن من أحسن ما وضع في ذلك .
واضطرب قبل موته بقليل وكسر الناس نعشه لما مات سنة سبع وتسعين وخمس ماية