عبد المجيد بن محمد الحافظ لدين الله أبو الميمون ابن أبي القاسم ابن المستنصر بن الظاهر بن الحاكم بن المعز بن المنصور بن القائم بن المهدي صاحب مصر أحد ملوك الفاطميين . بويع بالأمر يوم قتل ابن عمه الآمر ولاية العهد وتدبير المملكة حتى يظهر أمر الحمل ووثب الأمراء فأخرجوا أحمد ابن الأفضل وقدموه عليهم فسار إلى القصر وقهر الحافظ وسار أحسن سيرة ورد المظالم ووقف عند مذهب الشيعة الإمامية وترك الأذان بحي على خير العمل ورفض الحافظ وأهل بيته ودعا على المنابر للإمام المنتظر صاحب الزمان وكتب اسمه على السكة وبقي كذلك إلى أن وثب عليه واحد من أصحاب الخاصة فقتله بتدبير الحافظ فبادر الدولة والأجناد وأخرجوا الحافظ من السجن وبايعوه ثانياً واستقل . وكان مولده بعسقلان سنة سبع وستين . ووفاته سنة ثلاث وأربعين وخمس ماية أو سنة أربع وأربعين . وكان كثير الأمراض بالقولنج فعمل له شيرماه الديلمي طبلاً وهو طبل القولنج الذي أخذه صلاح الدين من ذخائر العاضد وكان مركباً من المعادن السبعة والكواكب السبعة في إشرافها ؛ فإذا ضرب به المريض خرج ما في بطنه من الريح فحبق وفسا واستراح . وولي بعد الحافظ ولده الظافر إسماعيل وقد تقدم ذكره .
الروذراوري .
عبد المجيد ابن أبي الفرج بن محمد . الشيخ الإمام العلامة . أبو محمد مجد الدين الروذراوري . شيخ إمام مشهور بارع في اللغة كثير المحفوظ من أشعار العرب فصيح العبارة مليح الخط جيد المشاركة مليح الشكل والبزة . أنفذه الملك الظاهر رسولاً إلى بركة فمرض في الطريق ورجع . وكان له حلقة أشغال بالحائط الشمالي .
وتوفي وهو في عشر السبعين سنة سبع وستين ماية .
وقيل إنه كان يكرر على مقامات الحريري وخطب ابن نباتة وديوان أبي الطيب .
نقلت من خط شهاب الدين القوصي في معجمه ؛ قال ؛ أنشدني لنفسه في وصف القلم بدمشق : .
يعلو أنامله التي هي أبحر ... قلم جليل القدر وهو دقيق .
وكذلك القصباء وهي ضعيفة ... تعلو البحار بطبعها وتفوق .
وأراه مقطوع اللسان لبثه ... سر العلى وأراه وهو سروق .
أخذ الفرائد من قلائد فكركم ... سرقاً وقطع السارقين حقيق .
وأراه يجلس في الدواة على الطوى ... والجسم غث والمكان مضيق .
لضمانه رزق الأنام تكفلاً ... طوعاً وحبس الصامتين يليق .
إن كان نظم الدر عادته فقد ... نظم الممالك سعيه الموموق .
شرب القليل فراح يسعى هائماً ... وكأنه سكران ليس يفيق .
وغدا بدقته وصفرة لونه ... مثل العليل يسيل منه الريق .
وشفى الممالك فاستقام مزاجها ... منه طبيب في العلاج شفيق .
كدرت مشارع ورده لكنه ... يصفو به ورد العلى ويروق .
فله ظلام الليل طوراً مولج ... وله على وضح النهار طريق .
وتراه أعجم وهو أفصح من ترى ... بين الورى ولسانه مشقوق .
ولقد تحمل كل أعباء العلى ... هذا الضئيل لكم فكيف يطيق .
لا زال روض نداك منتجع المنى ... ولدوح مجدك في السمو سموق .
قال ؛ وأنشدني لنفسه في القلم : .
لك من بنات الماء أصفر للعدى ... من رأسه المسود موت أحمر .
خجل القنا من فعله حتى غدا ... مثل النساء يرى عليه المحجر .
يصفو به ورد العلاء وورده ... أبداً كعيش الحاسدين مكدر .
كالطفل لا تلقاه يلقى مكتباً ... إلا بإزنان ودمع يقطر .
نظم الفرزدق دون نثر بيانه ... وله دقيق المشكلات مخمر .
ميل يغوص في لعاب دواته ... يشفي معمى المعضلات ويسبر .
متقيد يعدو وينطق ساكناً ... نتحكم في الملك وهو مسخر .
يا راكعاً لبس السواد وساجداً ... يتلو بني العباس وهو مزنر .
قد حز رأسك واللسان لبثه ... سر العلى واسود منك المنظر .
هب أن جسمك من جواك نحوله ... أو أن لونك للنحافة أصفر