عبد اللطيف بن عبد العزيز الشيخ الإمام النحوي المقرئ شهاب الدين ابن المرحل الحراني .
كان علامة في النحو يتثبت فيما ينقله . أقرأ جماعة . وقرأ عليه أخي إبراهيم C تعالى . اجتمعت به بالقاهرة غير مرة . وكان ساكناً يكتب خطاً منسوباً حسناً ويتجر في الكتب فيلازم سوقها كثيراً . وسمعت صحيح البخاري بقراءته على الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس سنة تسع وثلاثين وسبع ماية بالظاهرية بين القصرين . لكنه C كان فيه جمود يسير .
ورد الخبر علينا بوفاته بمصر إلى دمشق سنة أربع وأربعين وسبع ماية . C تعالى . وكان كثير التردد من القاهرة إلى حلب .
الشيخ سيف الدين السعودي .
عبد اللطيف شيخ سيف الدين ؛ شيخ زاوية السعودي بالقاهرة . كان يعرف قبل ذلك ببلبان الكرجي . سمع من المعين أحمد بن علي بن يوسف الدمشقي وأبي إسحاق إبراهيم بن عمر بن مضر وغيرهما . وخرجت له مشيخةً لطيفة . وكتب خطاً حسناً متوسطاً . أجاز لي بالقاهرة في سلخ شعبان سنة ثمان وعشرين وسبع ماية بالقاهرة ؛ وكتب بخطه : .
أجزت لهم رواية كل ما ... لي روايته سماعاً أو إجازة .
وما لي من مقول مؤلفات ... حوت نثراً ونظماً لي مجازه .
أجزتهم وأرجو الله ربي ... ينيلهم الكرامة والعزازة .
شمس الدين العجمي .
عبد اللطيف بن خليفة الصدر المعظم شمس الدين أخو النجيب كحال قازان وغيره . كان النجيب المذكور له صورة كبيرة ومحل زائد عند ملوك المغل ؛ وكان شمس الدين عبد اللطيف قد تسمى في تلك البلاد بالملك الصالح . وورد إلى الديار المصرية ؛ فأكرم كثيراً . كان فاضلاً متأدباً مترسلاً بغير سجع ؛ لكن بعبارة فاضل ؛ يستشهد بالآيات والأحاديث والشعر وكلام الحكماء . وعلى ذهنه مسائل من الفروع الغربية وله مداخلات مع السلطان والأمراء الكبار وأرباب الدولة . يتحدث بالتركي والعجمي وله إقدام على الكبار ؛ كان الأمير سيف الدين أرغون الدوادار إذا رآه في القلعة يقول : ما أحسد إلا هذا الشيخ الذي له في كل شهر ألفا درهم وهو داير بطال بلا شغل ! .
وكان يحضر عند السلطان الملك الناصر محمد في خانقاه سرياقوس ويتكلم بين يديه وينفع ويضر ! .
قال لي : أنا أتعيش بين الناس وأتجوه عندهم بكل جلسة أجلسها عند السلطان بسرياقوس عدة شهور . اجتمعت به غير مرة فرأيت منه رجلاً داهية خبيراً بما يتكلم به يغلب عليه العقليات . ويستحضر من كلام الحكماء جملة وافرة وينقل كثيراً مما يذاكر به من فنون الأدب ووقائع الناس خصوصاً ملوك المغل وكتابته حسنة قوية له ذوق جيد يفهم به معاني الشعر . وكانت له خصوصية بالقاضي فخر الدين ناظر الجيش وبالقاضي علاء الدين ابن الأثير ونفع عندهما من أراد . وهو كان ممن ساعد قاضي القضاة جلال الدين على مقاصده فيما تولاه . دخل يوماً على القاضي مجد الدين ابن لفيتة ناظر الدولة يطالبه بمرتبه وألح عليه وزاد في الإبرام . فقال له : يا مولانا كل شهر ألفا درهم ؟ ! .
ما تمهل علينا بشهر واحد ؟ ! .
فقال له : يا مولانا ! .
هذه الألفان التي لي ما تكفي هذا عبدك الذي يحمل دواتك أن يشرب بها نبيذاً ! .
فلم يجبه بكلمة وصرف له ما أراد ! .
وكان إذا حضر عند فخر الدين ناظر الجيش أخذ ورقة من يده ونتشها بعنف ورماها وقال له : خلنا من هذه وتحدث بنا في شأننا ! .
وكان شيخاً تام القامة أعشى البصر قليلاً ذا عمة صغيرة كأنها تخفيفة . وكان لا يخاطب إلا بمولانا . وكان يدعي أنه قرأ على الأثير الأبهري . وكانت له دار مليحة على بركة الفيل وله أموال وجواهر . رأيته يوماً وقد دخل إلى أمير حسين وقد انقطع أمير حسين من وجع المفاصل الذي كان يعتريه في رجليه ؛ وكان قد غاب عنه مدة ؛ فلما رآه قد أقبل وقال : يا مولانا أين كنت في هذه الغيبة ؟ واويلاه من يدك ! .
فقال له شمس الدين عاجلاً : واويلاه من رجلك ! .
وتوفي قبل الثلاثين وسبع ماية بقليل أو فيما بعدها بقليل . وكان قد حصل له الفالج قبل ذلك بتقدير سنتين ثلاثة وانقطع