وصحبت قوماً لست من نظرائهم ... فكأنني في الطرس سطر ملحق .
قولا لمن حمل السلاح وخضره ... ومن قد ذايله أدق وأرشق .
لا توه جسمك بالسلاح وحمله ... إني عليك من الغلالة أشفق .
ظبي من الأتراك فوق خدوده ... نار يحر لهها الكليم ويصعق .
تلقاه وهو مزرد ومدرع ... وتراه وهو مقرط ومقرطق .
لم تترك الأتراك بعد جمالها ... حسناً لمخلوق سواها يخلق .
إن نوزلوا كانوا أسود عريكة ... أو غوزلوا كانوا بدوراً تشرق .
قوم إذا ركبوا الجياد ظننتهم ... أسداً بألحاظ الجآذر ترمق .
قد خلقت بدم القلوب خدودهم ... ودروعهم بدم الكماة تخلق .
جذبوا القسي إلى قسي حواجب ... من تحتها نبل اللواحظ ترشق .
نشروا الشعور فكل قد منهم ... لدن عليه من الذؤابة صنجق .
لي منهم رشأ إذا قابلته ... كاد لواحظه بسحر تنطق .
إن شاء يلقاني بخلق واسع ... عند السلام نهاه طرق ضيق .
لم أنس ليلة زارني ورقيبه ... يبدي الرضى وهو المغيظ المحنق .
حتى إذا عبث الكرى بجفونه ... كان الوسادة ساعدي والمرفق .
عانقته وضممته فكأنه ... من ساعدي ممنطق ومطوق .
حتى بدا قلق الصباح فراعه ... إن الصباح هو العدو الأزرق .
وأنشدني له إجازة يمدح السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون : الكامل .
أسبلن من فوق النحور ذوائباً ... فتركن حبات القلوب ذوائبا .
وجلون من صبح الوجوه أشعة ... غادرن فود الليل منها شائبا .
بي دعاهن الغبي كواعبا ... ولو استبان الرشد قال كواكبا .
وربائب فإذا رأيت نفارها ... من بسط أنسك خلتهن رباربا .
سفهن رأي المانوية عندما ... أسبلن من ظلم الشعور غياهبا .
وسفرن لي فرأين شخصا حاضراً ... شدهت بصيرته وقلباً غائبا .
أشرقن في حلل كأن أديمها ... شفق تدرعه الشموس جلائبا .
وغربن في كلل فقلت لصاحبي ... بأبي الشموس الجانحات غواربا .
ومعربد اللحظات يثني عطفه ... فيخال من مرح الشبيبة شاربا .
حلو التعتب والدلال يروعه عتبي ولست أراه إلا عاتبا .
عاتبته فتضرجت وجناته ... وازور ألحاظاً وقطب حاجبا .
فأراني الخد الكليم وطرفه ... ذو النون إذ ذهب الغداة مغاضبا .
ذو منظر تغدو القلوب بحسنها ... نهباً وإن منح العيون مواهبا .
لا غرو أن وهب اللواحظ حظوة ... من نوره ودعاه قلبي ناهبا .
فمواهب السلطان كست الورى ... نعماً وتدعوه القساور سالبا .
الناصر الملك الذي خضعت له ... صيد الملوك مشارقاً ومغاربا .
ملك يرى تعب المكارم راحة ... ويعد راحات الفراغ متاعبا .
لم تخل أرض من ثناه وإن خلت ... من ذكره ملئت قناً وقواضبا .
بمكارم تذر السباسب أبحراً ... وعزائم تذر البحار سباسبا .
ترجى مواهب ويرهب بطشه ... مثل الزمان مسالماً ومحاربا .
فإذا سطا ملأ القلوب مهابة ... وإذا سخا ملأ العيون مواهبا .
كالغيث يبعث من عطاه نائلاً ... سبطاً ويرسل من سطاه حاصبا .
كالليث يحمي غابه بزئيره ... طوراً وينشب في القنيص مخالبا .
كالسيف يبدي للنواظر منظراً ... طلقاً ويمضي في الهياج مضاربا .
كالسيل يحمد منه عذباً واصلاً ... ويعده قوم عذاباً واصبا .
كالبحر يهدي للنفوس نفائساً ... منه ويبدي للعيون عجائبا .
فإذا نظرت ندا يديه ورأيه ... لم تلف إلا صيباً أو صائبا