وفجرت البلاغة منه بحراً ... أردت عبوره فخشيت عبره .
إذا غرق امرؤ في سيف بحر ... فلا تذكر على شفتيك قعره .
ألذ من الرضا من بعد سخط ... وأعذب من وصال بعد هجره .
وكم من شاعر إن قال بيتاً ... حكى ميتاً وكان الطرس قبره .
قليل اللفظ لكن في المعاني ... إذا حصلتها بالنقد كثره .
ويؤنس ثم يؤيس مثل بحر ... تراه فيستهين الغمر غمره .
وفي شعر الورى غر ودهم ... وهذا كل بيت منه غره .
قواف شاردات طالعات ... لإمرة قادر لم تعص أمره .
وجئت بها على قدر فجاءت ... ترينا منك في التقدير قدره .
وليس كمن يغير على المعاني ... فإن ظهر ادعى بالنقد غره .
رقيق الطبع مرهفه فأما ... خواطره فمثل السيف خطره .
وقد عرف الأمور وعرفته ... فصار له بعقبى الأمر خبره .
وما يخفي غناه عن صديقولكن ما أراه أراه فقره .
جزاك الله خيراً عن صديق ... بتخفيف الأسى أثقلت ظهره .
عرائس يجتليها وجه نقدي ... فتنقد من صفاء الود مهره .
لئن سهلت لقد صعبت وأضحت ... كروض دونه الطرقات وعره .
فلا تعتد كل النظم شعراً ... فتحسب كل سودا منه تمره .
تعلة حاضر ونشيد سفر ... ومرشف ناهل وأنيس فقره .
تخفض فترة الأفكار عني ... وكم دبت لها بالسكر فتره .
فخذها بنت ليلتها ارتجالاً ... ولكن أصبحت شمطاء سحره .
لئن طالت لقد طابت وراقت ... على نظر الخواطر حسن نظره .
وسارت أو غدت للنجم نجماً ... فطيرها وأوقع ثم نسره .
تعرفني إليه ولا أراه ... وتعقد لي من الفضلاء أسره .
عقائل سن شرع الشعر أني ... أب من شاء كنت بهن صهره .
ملكت قيادها بيمين فكري ... ولقد عتقت لوجه المجد حره .
أطال الله عمرك في سعود ... تجر ذيولها فوق المجره .
سأل شرف الدين شيخ الشيوخ عبد العزيز الأنصاري الحموي بعض أصحابه معارضة هذه القصيدة فقال ارتجالاً : الوافر .
لعيني كل يوم فيك عبره ... تصيرني لأهل العشق عبره .
فعسجد جفنها لا نقص فيه ... وكم جهزت منه جيش عسره .
إذا غفل الوشاة أسلت دمعي ... فيغدو مرسلاً في وقت فتره .
زيادة صبوتي نقصت ملامي ... وكفت زيده عني وعمره .
علامة شقوتي في الحب أني ... ثقلت عليك لا من طول عشره .
ووتر الوصل لم يشفع بثان ... وهجرك زمرة من بعد زمره .
وجفنك أكحل من غير كحل ... وخدك أحمر من غير حمره .
وصبري عنك ليس له وجود ... ووجدي فيك لا أحصيه كثره .
وبيت الحزن بيتي حين تنأى ... وحين تزوره دار المسره .
وقالوا كم ترى غضبان راض ... فقلت رضيت زنبوراً وتمره .
سألزم باب خمار الثنايا ... ليطلق لي ولو في العمر سكره .
وقدماً كنت مستوراً إلى أن ... لبست من الخلاعة ثوب شهره .
أطعت غوايتي وعصيت رشد الناصح ... مرة من بعد مره .
وما تنقى من الأدناس نفسي ... ولو غسلت بصابون المعره .
وأعجب حادثات الدهر أني ... أحاول طاعة فتعود حسره .
وأطمع في خلاص يوم بعثي ... وما أخلصت في مثال ذره .
وقد نظمت أنا قصيدة على هذا الوزن وهذا الروي وهي مثبتة في الجزء الحادي والثلاثين من التذكرة التي لي . وقد رأيت للقاضي الفاضل C تعالى موشحة عارضها جماعة من المتأخرين وقد تقدم ذلك في ترجمة أحمد الموصلي وهي : المجتث .
من لي به بدر كلهقد حاز قلبي كلهفهل ترى نتعززوالعز في الحب ذله .
رضيت فيه مصابي ... فما على الناس مني