قمعك النفس دائماً عن هواها ... لك خير فالزم النفس صبرا .
من بلاه إلهه بهوى الخل ... ق فقد سامه هواناً وصغرا .
فاجتنبهم وراقب الله سرا ... فهو أولى بنا وأعظم أجرا .
ذا جواب لابن القشيري فاسمع ... إن أردت السداد سراً وجهرا .
ومن شعره : الطويل .
ليالي وصال قد مضين كأنها ... لآلي عقود في نحور الكواعب .
وأيام هجر أعقبتها كأنها ... بياض مشيب في سواد الذوائب .
وجلس في مدرسة النظامية للوعظ في شهر رمضان فمطروا فأنشد : الكامل .
رمضان أرمضني بعادات على ... عدد الطبائع والفصول الأربعة .
صوم وصوب ما يغيب سحابه ... وصبابة وصدود من قلبي معه .
ومن شعره : مجزوء الكامل .
تقبيل خدك أشتهي ... أمل إليه أنتهي .
لو نلت ذلك لم أبل ... بالروح مني أن تهي .
دنياي لذة ساعة ... وعلى الحقيقة أنت هي .
ابن قدامة الحنبلي .
عبد الرحيم بن عبد الملك بن يوسف بن محمد بن قدامة بن مقدام الشيخ كمال الدين أبو محمد المقدسي الصالحي الحنبلي . شيخ صالح ورع حافظ كتاب الله عالي السند ولد سنة ثمان وتسعين وسمع من حنبل حضوراً ومن ابن طبرزد والكندي والجلاجلي وحدث في أيام الحافظ ابن خليل بحلب وروى الكثير . وروى عنه الدمياطي وابن العطار والمزي والبرزالي . وتوفي في حدود الثمانين وست مائة . C تعالى .
القاضي الفاضل .
عبد الرحيم بن علي بن الحسن بن الحسن بن أحمد بن المفرج بن أحمد القاضي الفاضل محيي الدين أبو علي ابن القاضي الأشرف أبي الحسن اللخمي البيساني الأصل العسقلاني المولد المصري الدار صاحب ديوان الإنشاء ووزير السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب . ولد في نصف جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وخمس مائة وتوفي سنة ست وتسعين وخمس مائة C .
قال الشيخ شمس الدين : اشتغل بصناعة الإنشاء على الموفق ابن الخلال شيخ الإنشاء لخلفاء مصر ثم خدم بالإسكندرية في صباه سمع السلفي وأبا محمد العثماني وأبا طاهر بن عوف وأبا القاسم بن عساكر وعثمان بن سعيد بن فرح العبدري . وكانوا ثلاثة إخوة أحدهم خدم بالإسكندرية وبها مات خلف من الخواتيم صناديق ومن الحصر والقدور والخزف بيوتاً مملوءة وكان إذا رأى خاتماً وسمع به تسبب في تحصيله . وأما الآخر فكان له هوى مفرط في تحصيل الكتب كان عنده زهاء مائتي ألف كتاب من كل كتاب نسخ . وكان الفاضل C تعالى قليل النحو ولكنه له دربة توجب له قلة اللحن . . كان عند ابن سناء الملك من إنشائه اثنان وعشرون مجلدة وعند ابن القطان أحد كتابه عشرون مجلداً وكان متقللاً في مطعمه ومنكحه وملبسه لباسه البياض لا يبلغ جميع ما عليه دينارين ويركب معه غلام وركاب ولا يمكن أحداً أن يصحبه ويكثر تشييع الجنائز وعيادة المرضى وزيارة القبور وكان ضعيف البنية رقيق الصورة له حدبة يغطيها الطيلسان وكان فيه سوء خلق يكد به نفسه ولا يضر به أحداً . ولأصحاب الفضائل عنده نفاق يحسن إليهم ولا يمن عليهم . ولم يكن له انتقام من أعدائه إلا بالإحسان وكان دخله ومعلومه في السنة خمسين ألف دينار سوى متاجر الهند والمغرب وغيرهما . مات مسكوباً أحوج ما كان إلى الموت عند تولي الإقبال وإقبال الإدبار وهذا يدل على أن لله به عناية . وله أوقاف في فكاك الأسرى وأعان الطلبة الشافعية والمالكية عند داره بالمدرسة والأيتام بالكتاب وله معاملة حسنة مع الله وتهجد في الليل . لما بلغه أن العادل أخذ الديار المصرية دعا على نفسه بالموت خشية من ابن شكر وزيره فيهينه انتهى .
وقال ياقوت في معجم الأدباء : مولده وأصله بعسقلان وإنما قيل له البيساني لأن والده ولي القضاء ببيسان قيل لما ولد أخذ طالعه القاضي ابن قريش وكان خبيراً بعلم النجوم فقال : هذه والله سعادة لا تسعها الدنيا فضلاً عن عسقلان . قلت : وقد ذكر مولده وطالعه واتصالات الكواكب في ذلك الوقت القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر في الكتاب الذي سماه الدر النظيم في تقريظ عبد الرحيم