أما أن هذا قاتلي قيل : فما يمنعك منه ؟ قال : إنه لم يقتلني بعد . واجتمع الأطباء لعلي وكان أبصرهم بالطب أثير بن عمرو السكوني . كان صاحب كسرى يتطبب له وهو الذي تنسب له صحراء أثير فأخذ أثير رئة شاة حارة فتتبع عرقاً منها فاستخرجه فأدخله في جراحة علي ثم نفخ العرق فاستخرجه فإذا عليه بياض دماغ وإذا الضربة قد وصلت إلى أم رأسه فقال : يا أمير المؤمنين : إعهد عهدك فإنك ميت .
وقال عمران بن حطان : يا ضربة من تقي . الأبيات وهي المذكورة في ترجمته . وقال بكر بن حماد التاهرتي معارضاً له : البسيط .
قل لابن ملجم والأقدار غالبة ... هدمت ويلك للإسلام أركانا .
قتلت أفضل من يمشي على قدم ... وأول الناس إسلاماً وإيمانا .
وأعلم الناس بالقرآن ثم بما ... سن الرسول لنا شرعاً وتبيانا .
صهر النبي ومولاه وناصره ... أضحت مناقبه نوراً وبرهانا .
وكان منه على رغم الحسود له ... مكان هارون من موسى بن عمرانا .
وكان في الحرب سيفاً ماضياً ذكراً ... ليثاً إذا لقي الأقران أقرانا .
ذكرت قاتله والدمع منحدر ... فقلت سبحان رب الناس سبحانا .
إني لأحسبه ما كان من بشر ... يخشى المعاد ولكن كان شيطانا .
أشقى مراد إذا عدت قبائلها ... وأخسر الناس عند الله ميزانا .
كعاقر الناقة الأولى التي جلبت ... على ثمود بأرض الحجر خسرانا .
قد كان يخبرهم أن سوف يخضبها ... قبل المنية أزمانا وأزمانا .
فلا عفا الله عنه ما تحمله ... ولا سقى قبر عمران بن حطانا .
لقوله في شقي ظل مجترما ... ونال ما ناله ظلماً وعدوانا .
يا ضربة من تقي ما أراد بها ... ألا ليبلغ من ذي العرش رضوانا .
بل ضربة من غوى أوردته لظى ... فسوف يلقى بها الرحمن غضبانا .
كأنه لم يرد قصداً بضربته ... إلا ليصلى عذاب الخلد نيرانا .
أبو تاشفين بن عبد الواد .
عبد الرحمن بن موسى هو الملك أبو تاشفين بن الملك أبي حمو بالحاء المهملة والميم المشددة والواو ابن الملك أبي عمرو عثمان ابن السلطان يغمرآسن بن عبد الواد الزناتي المغربي البريري صاحب تلمسان .
كان سيئ السيرة يذكر عنه قبائح وفيه شجاعة وحزم وجبروت نظر في العلم وتفقه على أبيه الإمام وقتل أباه وكان ملكه نيفاً وعشرين سنة قصده سلطان المغرب أبو الحسن المريني وحاصره مدة طويلة وأنشأ في المنزلة مدينة كبيرة وطال الأمر إلى شهر رمضان فبرز أبو تاشفين في إبطاله لكبسة ومكيدة انعكست عليه وركب جيش أبي الحسن وحملوا حتى دخلوا من باب تلمسان وقتلوه على ظهر جواده سنة سبع وثلاثين وسبع مائة . وكان الحصار نحو سنتين وأكثر وطيف برأس أبي تاشفين بالمغرب ثم دفن مع جسده عند أبائه بتلمسان . وكان جد السلطان أبي الحسن قد نازل تلمسان أيضاً سنوات ومات وهو يحاصرها سنة بضع وسبع مائة .
؟ عبد الرحمن بن نجم الحنبلي .
عبد الرحمن بن نجم بن شرف الإسلام أبي البركات عبد الوهاب ابن الشيخ الإمام أبي الفرج عبد الواحد بن محمد بن علي بن الإمام ناصح الدين أبو الفرج الحنبلي الأنصاري السعدي العبادي الشيرازي الأصل الدمشقي الوعظ . سمع ووعظ ودرس وله خطب ومقامات وتاريخ الوعاظ وأشياء في الوعظ وكان له قبول زائد وكان رئيس مذهبه في زمانه وروى عنه جماعة وتوفي سنة أربع وثلاثين وست مائة .
دخل بغداذ وقرأ الفقه على أبي الفتح ابن المني وسمع من شهدة بنت الأبري وغيرها ثم قدم دمشق وعاد إلى بغداذ ثانياً وتوجه إلى أصبهان وتفقه بها على القاضي أبي طالب وخالط الملوك وروسل به إلى الأطراف ثم عاد إلى بغداذ بعد علو سنه وحدث بها .
الأعز أبو بكر الحنبلي