عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان الإمام العلامة ذو الفنون شهاب الدين أبو القاسم المقدسي الأصل الدمشقي الشافعي الفقيه المقرئ النحوي أبو شامة . ولد سنة تسع وتسعين بدمشق في أحد الربيعين وتوفي سنة خمس وستين وست مائة . وقرأ القرآن وله دون العشر وقرأ القراءات كلها سنة ست عشرة على الشيخ علم الدين السخاوي . وسمع بالإسكندرية من أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز وغيره وحصل له سنة بضع وثلاثين عناية بالحديث وسمع أولاده وقرأ بنفسه وكتب الكثير من العلوم وأتقن الفقه ودرس وأفتى وبرع في العربية وصنف شرحاً نفيساً للشاطبية واختصر تاريخ دمشق مرتين : الأولى في خمسة عشر مجلداً والثانية في خمسة وشرح القصائد النبوية للسخاوي في مجلد وله كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية وكتاب الذيل عليها وكتاب شرح الحديث المقتفى في مبعث المصطفى وكتاب ضوء القمر الساري إلى معرفة الباري والمحقق في علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول وكتاب البسملة الأكبر في مجلد والباعث على إنكار البدع والحوادث وكتاب السواك وكشف حال بني عبيد والأصول من الأصول ومفردات القراء ومقدمة نحو ونظم المفصل للزمخشري وشيوخ البيهقي وله غير ذلك وأكثرها لم يفرغها .
وذكر أنه حصل له الشيب وله خمس وعشرون سنة وولي مشيخة الإقراء بالتربة الأشرفية ومشيخة دار الحديث الأشرفية وكان متواضعاً مطرحاً للتكلف . أخذ عنه القراءات الشيخ شهاب الدين حسين الكفري والشهاب أحمد اللبان وزين الدين أبو بكر بن يوسف المزي وجماعة وقرأ عليه شرح الشاطبية الشيخ شرف الدين الفزاري الخطيب . دخل عليه اثنان جبليان إلى بيته الذي بآخر المعمور من حكر طواحين الأشنان في صورة فتيا فضرباه ضرباً مبرحاً كاد يتلف منه ولم يدر به أحد ولا أغاثه وتوفي في تاسع عشر رمضان ودفن بباب الفراديس .
قال C : جرت لي محنة بداري بطواحين الأشنان فألهم الله الصبر ولطف وقيل لي : اجتمع بولاة الأمر فقلت : أنا قد فوضت أمري إلى الله وهو يكفينا . وقلت في ذلك : السريع .
قلت لمن قال أما تشتكي ... ما قد جرى فهو عظيم جليل .
يقيض الله تعالى لنا ... من يأخذ الحق ويشفي الغليل .
إذا توكلنا عليه كفى ... وحسبنا الله ونعم الوكيل .
ومن شعره ضابط في السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله : الطويل .
إمام محب ناشئ متصدق ... وباك مصل خائف سطوة الباس .
يظلهم الله الجليل بظله ... إذا كان يوم العرض لا ظل للناس .
أشرت بألفاظ تدل عليهم ... فيذكرهم بالنظم من بعضهم ناس .
وقال أيضاً : الطويل .
وقال النبي المصطفى إن سبعةً ... يظلهم الله العظيم بظله .
محب عفيف ناشئ متصدق ... وباك مصل والإمام بعدله .
ولما تولى دار الحديث الأشرفية مكان القاضي عماد الدين عبد الكريم ابن القاضي جمال الدين بن الحرستاني بعد موته في تاسع عشرين جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وست مائة حضر درسه قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان والأعيان على العادة وذكر من أول تصنيفه في كتاب المبعث الخطبة والحديث والكلام على سنده ومتنه فقال بعض الشعراء في ذلك : الكامل .
العلم والمعلوم قد أدركته ... وسماعك البحر المحيط بمحدث .
وبعثت في دار الحديث بمعجز ... وأبان عنه لك افتتاح المبعث .
مكثت له الألباب طائعه الندى ... والحسن من طرب به لم يمكث .
وقد نظم الشيخ شهاب الدين أبو شامة C تعالى قصيدة تناهز الأربعين بيتاً في زوجته فسمج عفا الله عنه فيها ما شاء وبرد C ما أراد أولها : الطويل .
تزوجت من أولاد دنو عقيلة ... بها من خصال الخير ما حير العقلا .
مكملة الأوصاف خلقاً وخلقة ... فأهلاً بها أهلاً وسهلاً بها سهلا .
ولود ودود حرة قرشية ... مخدرة من حسنها تكرم البعلا .
منها : .
مطرزة خطالة ذهبية ... مفصلة خياطة تحكم الغزلا .
تنقل في الأشغال من ذا وذا وذا ... وتفعل حتى الكنس والطبخ والغسلا