صنف عدة كتب منها : تفسير فصيح ثعلب واختصر الأغاني وغير ذلك . وله ملح الممالحة وأغاني المحدثين وملح المكاتبة والرسائل والجمان في تشبيهات القرآن لم يسبق إليها بل إلى مثلها إلا أنه كان معثراً ثلابة يطعن على الشريعة ويذهب إلى رأي الأوائل وله مقالة في التعطيل . توفي سنة خمس وثمانين وأربع مائة وكان يعرف بابن البندار وله مقامات أدبية إلا أنه كان مطعوناً عليه في دينه وعقيدته وكان كثير الهزل والمجون .
سمع من عبد الرحمن بن عبيد الله المخزومي ومحمد بن علي العشاري وأبي القاسم علي بن المحسن التنوخي وغيرهم . وروى عن جماعة من الشعراء كأبي الخطاب الحبلي وأبي القاسم المطرز وغيرهم . ومن شعره وهو مريض : الكامل : .
نمضي كما مضت القبائل قبلنا ... لسنا بأول من دعاه الداعي .
تبقى النجوم دوائراً أفلاكها ... والأرض فيها كل يوم داعي .
وزخارف الدنيا يجوز خداعها ... أبداً على الأبصار والأسماع .
ومنه الطويل : .
وإني لآبي الدمع فيك تطيراً ... عليك وتأبى العين إلاه جاريا .
وأسخط لاستمرار هجرك ساعة ... وتغلب أشواقي فأرجع راضيا .
هنيئاً إن استحللت قتلي فلا تطل ... عذابي وموهوب لعينك ثاريا .
ومنه الطويل : .
أرى كل محبوب يلاقي محبه ... وما نتلاقى والليالي تصرم .
وقد علمت أني مشوقٌ وأنني ... بها كلفٌ لكنها ليس ترحم .
ومنه الكامل : .
يا صاح أذن بالصباح يشير ... والكاس تطلع تارة وتفور .
والروض مبتسم الثغور نسيمه ... يستاف منه المسك والكافور .
والعود تخطر في حشاه أناملٌ ... لم يطو سراً دونهن ضمير .
فاشرب على طرب النديم ولا تطل ... حبس المدامة فالزمن قصير .
ومنه ما كتبه إلى بعض الرؤساء وقد افتصد الخفيف : .
جعل الله ذو المواهب عقبا ... ك من الفصد صحة وسلامه .
قل ليمناك كيف شئت استهلي ... لا عدمت الندى فأنت غمامه .
ومنه الطويل : .
أخلاي ما صاحبت في العيش لذة ... ولا زال عن قلبي حنين التذكر .
ولا طاب لي طعم الرقاد ولا اجتلت ... لحاظي مذ فارقتكم حسن منظر .
ولا عبثت كفي بكأس مدامة ... يطوف بها ساق ولا جس مزهر .
وكان يقول : في السماء نهر من خمر ونهر من لبن ونهر من عسل لا ينقط منه شيء ينقط هذا الذي يخرب البيوت ويهدم السقوف . وكانت بينه وبين ابن الشبل منافسة ومباعدة شائعة ظاهرة قال أبو الحسن علي بن أحمد ابن الدهان : أنشدته يوماً لابن الشبل الطويل : .
وما أسجد لله الملائك كلهم ... لآدم إلا أن في نسله مثلي .
ولو أن إبليساً درى خر ساجداً ... لآدم من قبل الملائك من أجلي .
ولكن أنسى الله عنه تكوني ... إلى أن زهت أنوار فضلي على النسل .
فيا رب إبراهيم لم أوت فضله ... ولا فضل موسى والنبي على الرسل .
فلم لي وحدي ألف فرعون في الورى ... ولي ألف نمرودٍ وألف أبو جهل .
فلما سمعها قالك أشهد بين يدي الهل أنه ما أخرج آدم من الجنة إلا لأنه كان في ظهره ثم قال : أمضي إليه فأنشده : المتقارب .
إذا ما افتخرت فلا تجهلاً ... أباك وشلاقه والعصا .
فأنت قذار تبيد الذباب ... إذا أنت أوطئتها إخمصا .
فكونك في الظهر من آدمٍ ... بشؤمك أهبطه إذ عصا .
ولو كان آدم ذا خبرةٍ بأنك من نسله لاختصى فقيل له : ألم تكن قرأت على الشيخ ابن الشبل قال : بلى وغلا من أين أكتسب هذه البلادة التي في فبلغ ذلك ابن الشبل فقال : الوافر .
فقل ما شئت إن الحلم دأبي ... وشأني الخير إن حاولت شراً .
فأنت أقل أن تلقى بذم ... مجاهرة وأن تغتاب سرا .
وبلغ ابن شبل عنه كلام قبيح فقال وأغرب في عروضها البسيط : .
وستة فيك لم يجمعن في بشر ... كذب وكبر وبخل أنت جامعه .
مع اللجاج وشر الحقد والحسد