وما خصصتم ببرٍّ أهل ملتكم ... حتى عممتم به الأقصى من الملل .
كانت رواتبكم للذمتين ولل ... ضيف المقيم وللطاري من الرسل .
ثم الطراز بتنيس الذي عظمت ... منه الصلات لأهل الأرض والدول .
وللجوامع من أحباسكم نعمٌ ... لمن تصدر في علمٍ وفي عمل .
وربما عادت الدنيا بمعقلكم ... منكم وأضحت بكم محلولة العقل .
والله لا فاز يوم الحشر مبغضكم ... ولا نجا من عذاب الله غير ولي .
ولا سقي الماء من حرٍّ ومن ظمأٍ ... من كف خير البرايا خاتم الرسل .
أئمتي وهداتي والذخيرة لي ... إذا ارتهنت بما قدمت من عملي .
تالله لم أوفهم في المدح حقهم ... لأن فضلهم كالوابل الهطل .
ولو تضاعفت الأقوال واستبقت ... ما كنت فيهم بحمد الله بالخجل .
باب النجاة فهم دنيا وآخرة ... وحبهم فهو أصل الدين والعمل .
نور الهدى ومصابيح الدجى ومح ... ل الغيث إن ونت الأنواء في المحل .
أئمةٌ خلقوا نوراً ونورهم ... عن نور خالص نور الله لم يفل .
والله لا زلت عن حبي لهم أبداً ... ما أخر الله لي في مدة الأجل .
قلت : أنا شديد التعجب من الفقيه عمارة وهو كان من أهل السنة معروفاً بذلك في أيامهم لم يتشيع وكيف رثاهم بهذه المرثية خصوصاً هذه الأبيات الأخيرة وكأنها ألحقت في هذه القصيدة أو عملت على لسانه حتى أغري السلطان صلاح الدين بشنقه على ما يأتي في ترجمته لكن القصيدة من نفسه والله أعلم .
ابن عبد البر عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر أبو محمد ابن الحافظ أبي عمر ابن عبد البر وسيأتي ذكر والده أبي عمر في مكانه . كان أبو محمد من أهل الأدب البارع والبلاغة الرائعة والتقدم في العلم والذكاء . توفي قبل أبيه C تعالى بعد الخمسين والأربع مائة ودون الناس رسائله وشعره . ومنه قوله : من الكامل المرفل .
لا تكثرن تأملاً ... واحبس عليك عنان طرفك .
فلربما أرسلته ... فرماك في ميدان حتفك .
عبد الله بن يونس .
الشيخ الأرمني عبد الله بن يونس الأرمني الشيخ الزاهد القدوة نزيل سفح قاسيون وهو من أرمينية الروم . كان صاحب أحوال ومجاهدات سمحاً لطيفاً متعففاً ساح مدة وأكل المباحات . وكان قد حفظ القرآن والقدوري فوقع برجلٍ من الأولياء فدله على الطريق . وطول أبو المظفر ابن الجوزي ترجمته . وزاويته مطلة على مقبرة الشيخ الموفق توفي سنة إحدى وثلاثين وستمائة .
البطال عبد الله أبو محمد البطال المذكور في سيرة دلهمه . والبطال يقال له أبو يحيى أيضاً . كان أحد الشجعان الموصوفين بالاقدام كان أحد أمراء بني أمية وكان على طلايع مسلمة بن عبد الملك وكان ينزل بأنطاكية . شهد عدة حروب وأوطأ الروم خوفاً وذلاًّ وسارت بذكره الركبان إلا أنه لم يكن كما كذبوا عليه في السيرة المذكورة من الخرافات والأمور المستحيلة . وتوفي سنة ثلاث عشرة ومائة وقيل سنة اثنتين وعشرين ومائة .
أخو مهدي البعلبكي عبد الله البعلبكي المعروف بأخي مهدي وهو والد الفقيه نجم الدين هاشم . ولد سنة أربع وستمائة وتوفي سنة ثمان وثمانين وستمائة . وكان لوناً غريباً ووحشاً عجيباً قطع إصبع يده وزعم أنه أمرها فعصته فقطعها . وكان لجماعةٍ من أهل الضياع فيه عقيدةٌ وقضى أكثر عمره محبوساً في برج وكان يتكلم تارةً بالعجمى وتارةً بالفرنجي ويظهر منه أنواع من الاختلال والذي ظهر من أمره أنه كان يميل إِلى مذهب الإسماعيلية لأنه سافر في شبابه إِلى حصونهم . قال الشيخ شمس الدين وكان ضالاًّ بلا شك لأنه كان يتكلم بالكفر .
الفاتولة الحلبي