عبد الله بن المفضل بن سليم مخلص الدين الطوخي ويعرف بضياء الدين أيضاً . أخبرني العلامة أثير الدين من لفظه قال : كان يحضر معنا في درس قاضي القضاة ابن رزين وبعده في درس ابنه . كان يقرأ عليه الحاجبية وكتاب المتنبي وكان له معرفةٌ بالفقه والأصول وله ردٌّ على النصارى وأدبٌ من النثر والنظم . وكان معدوداً في فضلاء ديار مصر وأخلدت به البطالة عن بلوغه مراتب العلماء وكثيراً ما كان يشتغل عليه الكتاب والنصارى . وتوفي بالقاهرة ليلة الجمعة حادي عشري شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وستمائة ودفن بقرافة سارية بتربة نجم الدين ابن الحلي ورثاه ناصر الدين ابن النقيب على حرف الزاي المفتوحة وبعث بها إِلى ناصر الدين شافع وهي قطعةٌ مليحة وأجابه عنها ناصر الدين بمثلها في الوزن والروي .
البليغ المشهور عبد الله بن المقفع - بضم وفتح القاف وكسر الفاء المشددة وفتحها معاً والفتح أشهر - أصله من خراسان . قتل سنة سبعٍ وثلاثين ومائة . كان أديباً فاضلاً شاعراً بارعاً في الفصاحة والبلاغة متحققاً بنحوٍ ولغةٍ وكان يكتب لعيسى بن علي بن عبد الله بن العباس عم المنصور . قيل له : لم لا تقول الشعر ؟ قال : ما يأتي جيده وآبى رديئه . وهو القائل : من الطويل .
رزئنا أبا عمروٍ ولا حي مثله ... فلله ريب الحادثات بمن وقع .
لئن تك قد فارقتنا وتركتنا ... إلى خلةٍ ما في انسدادٍ لها طمع .
فقد جر نفعاً فقدنا لك أننا ... أمنا على كل الرزايا من الجزع .
وهو القائل أيضاً : من الطويل .
دليلك أن الفقر خيرٌ من الغنى ... وأن القليل المال خيرٌ من المثري .
لقاؤك إنساناً عصى الله للغنى ... ولم تر إنساناً عصى الله للفقر