عبد الله بن مسلم بن المولى الأنصاري . مولاهم . كان شاعراً من شعراء الدولتين مدح المهدي فأنعم عليه وكان ظريفاً عفيفاً . وهو القائل يمدح يزيد بن حاتم من قصيدةٍ : من الكامل .
يا واحد العرب الذي دانت له ... قحصان قاطبةً وساد نزارا .
إني لأرجو إن لقيتك سالماً ... أن لا أعالج بعدك الأسفارا .
رشت الندى ولقد تكسر ريشه ... فعلا الندى فوق البلاد وطارا .
فأعطاه رزمتي ثيابٍ وعشرة ألاف دينارٍ . وقدم على المهدي فأنشده قصيدته التي قال فيها : من الطويل .
وما قارع الأعداء مثل محمد ... إذا الحرب أبدت عن حجول الكواعب .
فتىً ماجد الأعراق من آل هاشمٍ ... تبحبح منها في الذرى والذوائب .
أشم من الرهط الذين كأنهم ... لدى حندس الظلماء زهر الكواكب .
إذا ذكرت يوماً مناقب هاشمٍ ... فإنكم منها بخير المناصب .
ومن عيب في أخلاقه ونصابه ... فما في بني العباس عيبٌ لعائب .
وإن أمير المؤمنين ورهطه ... لأهل المعالي من لؤي بن غالب .
أولئك أوتاد البلاد ووراثوا الن ... م بي بأمر الحق غير التكاذب .
ثم ذكر آل أبي طالب فيها فقال : .
وما نقموا إلا المودة منهم ... وأن غادرو فيهم جزيل المواهب .
وأنهم نالوا لهم من دمائهم ... شفاء النفوس من قتيلٍ وهارب .
وقاموا لهم دون العدى وكفوهم ... بسمر القنا والمرهفات القواضب .
وحاموا على أحسابهم وكرائم ... حسان الوجوه واضحات الترائب .
وإن أمير المؤمنين لعائدٌ ... بإنعامه فيهم على كل تائب .
إذا ما دنوا أدناهم وإذا هفوا ... تجاوز عنهم ناظراً في العواقب .
شفيقٌ على الأقصين أن يركبوا الردى ... فكيف به في واشجات القرائب .
فوصله المهدي صلةً سنيةً وقدم بالمدينة فأنفق وبنى داره ولبس ثياباً فاخرةً كذلك مدةً حتى نفذ ما جاء به ثم دخل على الحسن بن زيدٍ وكانت له عليه وظيفة في كل سنةٍ فأنشده مديحاً فيه قصيدةً منها : من الخفيف .
ولو أن أمرأً ينال خلوداً ... بمحلٍ ومنصبٍ ومكان .
أو بيت ذرعه تلصق بالنج ... م قراناً في غير برج قران .
أو بمجد الحياة أو بسماحٍ ... أو بحلم أوفى على ثهلان .
أو بفضلٍ لناله حسن الخي ... ر بفضل الرسول ذي البرهان .
فضله راجحٌ برهط أبي القا ... سم رهط اليقين والإيمان .
هم ذوو النور والهدى وأولو الأم ... ر وأهل البرهان والفرقان .
معدن الحق والنبوة والبذ ... ل إذا ما تنازع الخصمان .
فلما أنشده دعا به خالياً وقال يا عاض كذا من أمه ! .
إذا ما جئت إِلى الحجاز تقول لي هذا وإذا ما مضيت إِلى العراق تقول : وإن أمير المؤمنين ورهطه وأنشده البيتين فقال له أتنصفني يا ابن رسول الله A أم لا ؟ قال : بلى ! .
قال : ألم أقل : وإن أمير المؤمنين ورهطه ألستم رهطه ؟ فقال : دع هذا ! .
ألم تقدر أن تنفق شعرك ومديحك إلا بتهجين أهلي والطعن عليهم والإغراء بهم حيث تقول وما نقموا إلا المودة منهم وأنشده البيتين . فوجم ابن المولى وأطرق ثم قال : يا ابن رسول الله إن الشاعر يقول ويتقرب بجهده ثم قام وخرج من عنده منكسراً فأمر الحسن وكيله أن يحمل إليه وظيفته ويزيده مثلها ففعل فقال ابن المولى : والله لا ٌأقبلها وهو علي ساخط فعاد رسول فأخبره ! .
فقال : قل له قد رضيت فأقبلها فدخل على الحسن وأنشده : من الطويل .
سألت فأعطاني وأعطى ولم أسل ... وجاد كما جادت غوادٍ رواعد .
فأقسمت لا أنفك أنشد مدحه ... إذا جمعتني والحجيج المشاهد .
إذا قلت يوماً في ثنائي قصيدةً ... ثنيت بأخرى حيث تجزى القصائد .
أبو صخر الهذلي