مولاهم التركي ثم المروزي الحافظ . فريد الزمان وشيخ الإسلام . كانت أمه خوارزمية ومولده سنة ثمان عشرة ومائة وتوفي سنة إحدى وثمانين ومائة وقيل اثنتين وثمانين طلب العلم وهو ابن بضع عشرة سنة ورحل سنة إحدى وأربعين ومائة ولقي التابعين وأكثر الترحال والتطواف إلى الغاية في طلب العلم والجهاد والحج والتجارة . روى عن سليمان التيمي وعاصم الأحول وحميد الأجلح الكندي وحسين المعلم وحنظلة السدوسي وحيوة بن شريح وهشام ابن عروة والجريري وإسماعيل بن أبي خالد والأعمش وبريد بن عبد الله وخالد الحذاء ويحيى بن سعيد الأنصاري وابن عون وابن جريح وموسى بن عقبة وخلق ثم عن الأوزاعي والثوري وشعبة ومالك الليث وابن لهيعة والحمادين وطبقتهم ثم عن هشيم وابن عيينة وخلقٍ من أقرانه . وصنف التصانيف النافعة . قال ابن مهدي : هو أفضل من الثوري . وقال ابن حنبل : لم يكن في زمانه مثله ولا أطلب منه للعلم ؟ وقال ابن معين : كان ثقة متثبتاً . وكتبه نحوٌ من عشرين ألف حديث . وقال العباس بن مصعب : جمع ابن المبارك والحديث والفقه والعربية وأيام الناس والشجاعة والسخاء ومحبة الفرق له . وكان غنياً رأس ماله نحوٌ من أربعمائة ألف درهم وكان من فحول الشعراء ولما بلغ الرشيد موته قال : مات سيد العلماء . ومات بهيت وعانة في رمضان . قال العباس بن محمد النسفي : سمعت أبو حاتم الفربري يقول : رأيت في النوم ابن المبارك واقفاً على باب الجنة وبيده مفتاحٌ فقلت : ما يوقفك هاهنا ؟ قال : هذا مفتاح الجنة دفعه لي محمد A وقال : حتى أزور الرب تعالى فكن أميني في السماء كما كنت أميني في الأرض ! .
وقال إسماعيل بن إبراهيم المصيصي : رأيت الحارث بن عطية في النوم فسألته فقال : غفر لي ! .
قلت : فابن المبارك ؟ فقال : بخٍ بخٍ ذاك في عليين ممن يلج على الله في كل يوم مرتين . وروى له الجماعة . ومن شعر عبد الله بن المبارك : من البسيط .
قد يفتح حانوتاً لمتجره ... وقد فتحت لك الحانوت بالدين .
بين الأساطين حانوت بلا غلقٍ ... تبتاع بالدين أموال المساكين .
صيرت دينك شاهيناً تصيد به ... وليس يفلح أصحاب الشواهين .
عبد الله بن المثنى .
بن عبد الله بن أنس بن مالك بن نصر الأنصاري البصري .
قال ابن معين : صالح الحديث . وقال مرة : ليس بشيء ! .
وقال أبو داود : لا أخرج حديثه . توفي في حدود الثمانين ومائة وروى له البخاري والترمذي وابن ماجة .
أبو حصين المعري عبد الله بن المحسن بن عبد الله ويأتي تمام نسبه في ترجمة ولده أبي يعلى عبد الباقي . وكنيته عبد الله هذا أبو حصين وهو بيتٌ في المعرة طلع منه فضلاء وشعراء . قال العماد الكاتب : أنشدني له القاضي أبو اليسر يرثي والده وقد مات في الحج : من مجزوء المتقارب .
دمٌ فوق صدري وكف ... من الجفن لما ذرف .
لفقدان من لا رأى ... يدا الدهر منه خلف .
لميتٍ غدا ثاوياً ... بطيبة بين السلف .
نابغة بني شيبان عبد الله بن المخارق . قيل إنه كان نصرانياً وكان شاعراً يمدح خلفاء بني أمية ويحزلون عطيته . ولما هم عبد الملك بخلع أخيه عبد العزيز وولاية العهد لابنه الوليد فدخل النابفة يوماً على عبد الملك والناس حوله في يوم حفل وولده قدامه فمشل بيد يديه وأنشد : من المنسرح .
أزحت عنا آل الزبير ولو ... كانوا هم المالكين ما صلحوا .
إن تلق بلوى أنت مصطبرٌ ... وإن تلاق النعمى فلا فرح .
آل أبي العاص أهل مأثرةٍ ... غر عتاٌ بالخير قد نفحوا .
خير قريشٍ وهم أفاضلها ... في الجد جدٌّ وإن هم مزحوا .
أرجها أذرعاً وأصبرها ... أنتم إذا القوم في الوغي كلحوا .
أما قريشٌ وأنت وازعها ... تكف من شغبهم إذا طمحوا .
حفظت ما ضيعوا وزندهم ... أوريت إن أصلدوا وإن قدحوا .
آليت جهداً وصادقٌ قسمي ... برب عبد الله بنتصح .
يظل يتلو الإنجيل يدرسه ... من خشية الله قلبه فيح