فهم البدور إذا ادلهم ظلامهم ... وهو الشموس إذا استبان نهارهم .
دنت النجوم تواضعاً لمحلهم ... وترفعت من فوقها أقدارهم .
وبكفهم وبوجههم كم قد همت ... أنواؤهم وتوقدت أنوارهم .
أهدى جمالهم إلي تحيةً ... منها تدار على الأنام عقارهم .
أفقٌ وروضٌ في البلاغة فهي ... إما زهرهم في الليل أو أزهارهم .
لك يا جمال الدين سبقٌ في الوفا ... لو رامه الأصحاب طال عثارهم .
وتوددٌ ما زال يصفو ورده ... حتى تقر لصفوه أكدارهم .
يا ابن الكرام الكاتبين فشأنهم ... صدق المودة والوفاء شعارهم .
قومٌ إذا جاروا إلى شأو العلى ... سبقوا إليه ولم يشق غبارهم .
صانوا وزانو باليراع ملوكهم ... أسوارهم من كتبهم وسوارهم .
ما مثلهم في جودهم فلذاك قد ... عزت نظائرهم وهان نضارهم .
ما في الزمان حلىً على أعطافه ... إلا مآثرهم به وفخارهم .
تتعلم النسمات من أخلاقهم ... وتنوب عن زهر الربا أشعارهم .
ولفضلهم ما ابن الفرات يعد في ... هذا قطرةً لما تمد بحارهم .
وحماهم يحمي النزيل بربعه ... من جور ما يخشى ويرعى جارهم .
بالرغم مني أن بعدت ولم أجد ... ظلاً تفيئه علي ديارهم .
لو كان يمكنني وما أحلى المنى ... ما غاب عني شخصهم ومزارهم .
ويح النوى شمل الأحبة فرقت ... فمتى يفك من البعاد إسارهم .
وكتب C قد دخلت الديوان بدمشق : من الوافر .
يقول جماعة الديوان فيه ... فسادٌ لا يزال ولا يزاح .
فقلت فساده سيزول عما ... قليلٍ إذ بدا فيه الصلاح .
فكتبت الجواب : من الوافر .
هويت جماعة الديوان دهراً ... فلما ضمنا بدمشق مغنى .
نظرت إليهم نظر انتقادٍ ... فكنت جمالهم لفظاً ومعنى .
وكنت قد وعدته بعارية رسالة لابن رشيق سماها ساجور الكلب فتأخر إرسالها إليه فكتب إلي : من الخفيف .
يا جواداً عنانه في بد الجو ... د تباخلت لي بساجور كلب .
لا تضع رتبة التفضل والاي ... ثار فالأمر دون بذل العتب .
وإذا لم يكن من العتب يدٌّ ... فمرادي إن شئت غير الكتب .
فجهزتها إليه وكتبت الجواب : من الخفيف .
أيها الأروع الذي فاق مجداً ... لا تؤنب من لا أتاك بذنب .
أنت تدري أن الوفاء الموفى ... لي طباعٌ في الود من غير كسب .
أنا أخبا لو كان طوق عروسٍ ... عنك حتى أصون ساجور كلب .
وكتب إلي وانا بصفد ضعيف : من الوافر .
كتابك قد أتى عيني وفيها ... فساد نوىً لشوقي وارتياحي .
فجدده فليس يزول إلا ... إذا عاد الصلاح إلى الصلاح .
فكتبت الجواب : من الوافر .
كتابك جاءني فنفى همومي ... وآذن سقم جسمي بالزوال .
وأذكر ناظري زمناً حميداً ... تمتع بالجمال من الجمال .
وكتب هو إلي يوماً : من السريع .
قد أصبح المملوك يا سيدي ... يختار أن يتفرع الربوه .
وقد أتى صحبتكم خاطباً ... فأسعفوا واغتنموا الخلوه .
فكتبت أنا الجواب إليه ارتجالاً : من السريع .
ما لي على الربوة من قدرةٍ ... لأنني أعجز عن خطوه .
وليس مركوبي هنا حاضراً ... فمر نحو الخلوة الحلوه .
وكتبت إليه وقد سافر إلى بعلبك وطول الغيبة فيها : من مجزوء الرجز .
قربك القلب الذي ... أبعدته وقربك .
يا نازحاً عن جلقٍ ... ونازلاً في بعلبك .
لك البلاغات التي ... أبدعت فيها مذهبك .
جرت جريراً فالتوى ... إلى النسيب وانسبك .
وكل سطرٍ كالدجى ... وبرق معناه احتبك .
شوارد المعنى غدت ... ميماته لها شبك .
أشكو لك البعد الذي ... تطويله قد أعجبك