عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الجواد . له صحبةٌ ورواية . ولد بالحبشة من أسماء بنت عميس . يقال إنه لم يكن في الإسلام أسخى منه . وروى عنه أبويه وعن عمه علي وهو آخر من رأى النبي صلّى اللهُ عليهِ وسلّم من بني هاشم . سكن المدينة وتوفي سنة ثمانين للهجرة . وروى له الجماعة . وهو أول مولودٍ ولد في الإسلام بالحبشة . وكان يسمى بحر الجود وكان لا يرى بسماع الغناء بأساً . وكان إذا قدم على معاوية أنزله داره وأكرمه وكان ذلك يغيظ فاخته بنت قرظة ابن عبد عمرو بن نوفل ؛ زوج معاوية فسمعت ليلةً غناءً عند عبد الله بن جعفر فجاءت إلى معاوية فقالت : تعال فاسمع ما في منزل هذا الرجل الذي جعلته بين لحمك ودمك ! .
فجاء فسمع وانصرف ؛ فلما كان آخر الليل سمع معاوية قراءة عبد الله بن جعفر فأنبه فاختة فقال : إسمعي مكان ما اسمعتني ! .
ويقولون إن أجواد العرب في الإسلام عشرة ؛ فأجواد أهل الحجاز عبد الله بن جعفر وعبيد الله بن العباس بن عبد المطلب وسعيد بن العاص بن سعيد بن العاص . وأجواد أهل الكوفة عتاب بن ورقاء أحد بني رياح بن يربوع وأسماء بن خارجة بن حصن الفزاري وعكرمة بن ربعي الفياض أحد بني تيم الله بن ثعلبة . وأجواد أهل البصرة عمربن عبيد الله بن معمرٍ وطلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي - وهو طلحة الطلحات وعبيد الله بن أبي بكرة وأجواد أهل الشام خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية . وليس في هؤلاء كلهم أجود من عبد الله بن جعفر ؛ عوتب في ذلك فقال : إن الله عودني عادةً وعودت الناس عادةً فأخاف إن قطعتها قطعت عني وأخباره في الجود كثيرةٌ مشهورة .
محيي الدين الصالح الكوفي عبد الله بن جعفر بن علي بن صالح محيي الدين الأسدي الكوفي النحوي الحنفي ابن الصباغ . أحد الأعلام . ولد سنة تسعٍ وثلاثين وستمائة وتوفي سنة سبعٍ وعشرين وسبعمائة . أجاز له رضي الدين الصاغاني والموفق الكواشي وبالعامة من ابن الخير وألقى الكشاف دروساً مراتٍ . وله أدب وفضائل . نظم الفرائض وفيه عبادةٌ وزهادة وله جلالة . عرض عليه تدريس المستنصرية فأبى . كتب عنه العفيف المطري وأجاز لابن رافع المفيد وكان فاضل الكوفة .
عفيف الدين كاتب صاحب اليمن عبد الله بن جعفر التهامي عفيف الدين أحد كتاب الإنشاءللملك المؤيد صاحب اليمن . توفي سنة أربع عشرة وسبعمائة ببلدةٍ من أعمال الجثة . كان فيه ديانة حسن السيرة . نقلت من خط الشيخ تاج الدين اليمني : كان يملي على أربعةٍ قريضاً من فيه على غرض طالبه ومستدعيه من غير لعثمةٍ ولا فأفأةٍ ولا تمتمةٍ في أوزانٍ مختلفة وقوافٍ غير متآلفة . بلغ السبعين وهو مشتملٌ برداء الدين . قال يمدح الملك المؤيد وقد سار إلى عدن من تعز وعيّد بها : من الكامل .
أعلمت من قاد الجبال خيولا ... وأفاض من لمع السيوف سيولا .
وأماج بحراً من دلاص سابغٍ ... جرت أسود الغاب منه ذيولا .
ومن القسي أهلةٌ ما ينقضي ... منها الخضاب على النصول نصولا .
وتزاحمت سمر القنا فتعانقت ... قرباً كما يلقى الخيل خليلا .
فالغيث لا يلقى الطريق إلى الثرى ... والريح فيها لا تطيق دخولا .
سحبٌ سرت فيها السيوف بوارقاً ... وتجاوبت فيها الرعود صهيلا .
طلعت أسنتها نجوماً في السما ... فتبادرت عنا النجوم أفولا .
تركت ديار الملحدين طلولا ... مما تبيح بها دماً مطلولا .
والأرض ترجف تحتها في أفكلٍ ... والجو يحسب شلوه مأكولا .
حطمت جحافلها الجحافل حطمةً ... تدع الحمام مع القتيل قتيلا .
طلبوا الفرار فمد أشطان القنا ... فأعاد معقلهم بها معقولا .
عرفوا الذي جهلوا فكل غضنفرٍ ... في الناس عاد نعامةً إجفيلا .
ملكٌ إذا هاجت هوائج بأسه ... جعل العزيز من الملوك ذليلا .
بحرٌ إلى بحرٍ يسير بمثله ... والملح أحقر أن يكون مثيلا