عبد الله بن أحمد بن عبد الله الإمام أبو بكر المروزي القفال شيخ الشافعية بخراسان كان يعمل الأقفال وحذق في عملها حتى صنع قفلاً بآلاته ومفتاحه وزن أربع حبات فلما صار ابن ثلاثين سنةً أحس من نفسه ذكاءً فأقبل على الفقه فبرع فيه وفاق الأقران وهو صاحب طريقة الخراسانيين في الفقه . تفقه عليه المسعودي والسنجي وابن فوران وهؤلاء من كبار فقهاء المراوزة . تفقه هو على أبي زيد القاشاني وسمع منه ومن غيره وله في المذهب من الآثار ما ليس لغيره وطريقته المهذبة في مذهب الشافعي وأكثرها تحقيقاً . وتوفي بمرو - وله تسعون سنة - في جمادى الآخرة سنة سبع عشرة و أربعمائة . ولما جمع الفقهاء من الحنفية ومن الشافعية السلطان محمود الآتي ذكره - وهو يمين الدولة بن سبكتكين - التمس منهم الكلام في ترجيح أحد المذهبين على الآخر فوقع الاتفاق على أن يصلوا بين يديه ركعتين على مذهب الشافعي وركعتين على مذهب أبي حنيفة لينظر في ذلك السلطان ويختار ما هو الأحسن وصلى الإمام أبو بكر القفال المروزي بطهارةٍ مُسبغةٍ وشرايط معتبرةٍ في الطهارة والسترة واستقبال القبلة وأتى بالأركان والهيئات والسنن والآداب والفرائض على وجه الكمال والتمام وكانت صلاةً لا يُجوز الشافعي دونها . ثم إنه صلى ركعتين على ما يجوز في مذهب أبي حنيفة فلبس جلد كلبٍ مدبوغاً ولطخ ربعه بالنجاسة وتوضأ بنبيذ التمر وكان في صميم الصيف في المفازة فاجتمع عليه البعوض والذباب وكان وضوؤه مُنكساً منعكساً ! .
ثم استقبل القبلة وأحرم من غير نيةٍ في وضوئه ثم قرأ آيةً بالفارسية وهو دوبر " كَ " كَلُ سبز ثم نقر نقرتين كنقرات الديك عن غير فصلٍ ومن غير ركوع وتشهد وضرط في آخره من غير نية السلام وقال أيها السلطان هذه صلاة أبي حنيفة ! .
فقال السلطان : إن لم تكن الصلاة صلاة أبي حنيفة قتلتك لأن مثل هذه الصلاة لا يجوزها ذو دين ! .
فأنكرت الحنفية أن تكون هذه صلاة أبي حنيفة فأمر القفال بإحضار كتب أبي حنيفة وأمر السلطان نصرانياً كاتباً يقرأ المذهبين جميعاً فوجدت الصلاة على مذهب أبي حنيفة على ما حكاه القفّال ! .
فأعرض السلطان عن مذهب أبي حنيفة وتمسك بمذهب الشافعي Bهما . نقلت ذلك من كلام القاضي شمس الدين أحمد بن خلكان في ترجمة السلطان محمود C وذكر أنه نقل ذلك من كلام إمام الحرمين في كتابه الذي سماه " مغيث الخلق في اختيار الأحق " قلت : وهذه العبارة ما تليق بإطلاق صلاة أبي حنيفة فإن من المعلوم القطعي أنّ الإمام أبا حنيفة C ما صلى هذه الصلاة أبدأ ولا أحداً من أصحابه والأولى أن يقال : الصلاة التي تجوز في مذهب أبي حنيفة . وأعتقد أن الصلاة إذا وقعت على هذه الصفة باطلةٌ وفعلها حرامٌ لأن هذا المجموع لا يتفق وقوعه . نعم إذا وقع فرداً فرداً في بعض صلاة جاز ذلك على قواعد المذهب . وحكى لي شرف الدين محمد بن مختار بالقاهرة أن هذه الحكاية حكاها إنسانٌ بالقاهرة فبلغت الواقعة قاضي القضاة ابن الحريري الحنفي فأحضره وعزّره أو قال لي قاضي القضاة السروجي .
أبو محمد الشنتريني عبد الله أحمد بن سعيد بن سليمان بن يربوع أبو محمد الأندلسي الشنتريني ثم الإشبيلي نزيل قرطبة . كان عالماً بالعلل عارفاً بالرجال والجرح والتعديل . صنف كتاب الإقليد في بيان الأسانيد وكتاب تاج الحلية وسراج البغية في معرفة أسانيد الموطأ وكتاب البيان عما في كتاب أبي نصر الكلاباذي من النقصان وكتاب المنهاج في رجال مسلم . وتوفي سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة .
الوحيدي قاضي مالقة عبد الله بن أحمد بن عمر أبو محمد القيسي المالقي المعروف بالوحيدي . قاضي مالقة . سمع وروى . وكان من أهل العلم والفهم . قال ابن حزمٍ اليسع : كنا نقرأ عليه صحيح مسلم فنصححه من لفظه فإذا وقع غريبٌ ذكر اختلاف المحدثين واللغويين فيه . توفي سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة .
ابن النقّار عبد الله بن احمد بن الحسين الرئيس أبو محمد الطرابلسي الكاتب . يعرف بابن النقار . تحول إلى دمشق لما ملكت الفرنج طرابلس . وكان شاعراً فاضلاً كتب لملوك دمشق ثم إنه كتب لنور الدين وعمّرَ دهراً . ولد بطرابلس سنة تسعٍ وسبعين وأربعمائة وله قصيدةٌ مشهورة يقول فيها : من الكامل