وكان العباس جميلاً أبيض غضاً ذا ضفيرتين معتدل القامة وقيل بل كان طويلاً ؛ ولما سقوا طفق الناس يمسحون أركان العباس وبقولون : هنيئاً لك ساقي الحرمين . وتوفي سنة اثنتين وثلاثين للهجرة وصلى عليه عثمان ودفن بالبقيع وعاش ثمانياً وثمانين سنة . وقال خريم بن أوس : كنا عند رسول الله A فقال له عمه العباس Bه : يا رسول الله إني أريد أن امتدحك فقال النبي A : قل لا يفضض الله فاك فأنشأ يقول : .
من قبلها طبت في الجنان وفي ... مستودع حيث يخصف الورق .
ثم هبطت البلاد لا بشر ... أنت ولا مضغة ولا علق .
بل نطفة تركب السفين وقد ... ألجم نسراً وأهله الغرق .
تنقل من صالب إلى رحم ... إذا مضى عالم بدا طبق .
حتى احتوى بيتك المهيمن من ... خندف علياء تحتها النطق .
وأنت لما ولدت أشرقت ال ... أرض وضاءت بنورك الأفق .
فنحن في ذلك الضياء وفي ال ... نور وسبل الرشاد نخترق .
وقد بورك في نسل العباس Bه فقال رجاء بن الضحاك : إنه في سنة مائتين أحصي ولد العباس فبلغوا ثلاثة وثلاثين ألفاً كذا ذكر الجهشياري في كتاب الوزراء .
المهاجري الأنصاري .
العباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان الأنصاري الخزرجي ؛ شهد بيعة العقبة الثانية وقال بان إسحاق : كان ممن خرج إلى رسول الله A وهو بمكة وشهد معه العقبتين وقيل بل كان في النفر الستة الذين لقوا رسول الله A بمكة فأسلموا قبل سائر الأنصار وأقام مع رسول الله A بها حتى هاجر إلى المدينة وكان يقال له مهاجري وأنصاري ؛ قتل يوم أحد شهيداً ولم يشهد بدراً ؛ آخى رسول الله A بينه وبين عثمان بن مظعون .
أبو الفضل السلمي .
العباس بن مرداس بن أبي عامر بن جارية بن عبد بن عباس أبو الفضل السلمي وقيل أبو الهيثم ؛ أسلم قبل فتح مكة بيسير وكان أبوه مرداس شريكاً ومصافياً لحرب بن أمية وقتلهما جميعاً الجن وخبرهما مشهور عند الأخباريين وكان العباس هذا من المؤلفة قلوبهم وممن حسن إسلامه منهم ولما أعطى رسول الله A المؤلفة قلوبهم من سبي حنين مائة مائة من الإبل ونقص طائفة من المائة منهم عباس بن مرداس جعل عباس يقول إذ لم يبلغ به من العطاء ما بلغ بالأقرع بن حابس وعيينة بن حصن : .
أتجعل نهبي ونهب العبيد ... بين عيينة والأقرع .
فما كان حصن ولا حابس ... يفوقان مرداس في مجمع .
في أبيات فقال رسول الله A : اذهبوا فاقطعوا عني لسانه فأعطوه حتى رضي ؛ وكان شاعراً محسناً . وكان العباس بن مرداس ممن حرم الخمر على نفسه في الجاهلية وأبو بكر أيضاً وعثمان بن عفان وعثمان بن مظعون وعبد الرحمن بن عوف وقيس بن عاصم وحرمها قبل هؤلاء عبد المطلب بن هاشم وعبد الله بن جدعان وشيبة بن ربيعة وورقة بن نوفل والوليد بن المغيرة وعامر ابن الظرب ويقال : هو أول من حرمها في الجاهلية ويقال بل عفيف بن معدي كرب الكندي . والعباس بن مرداس هو القائل يمدح رسول الله A : .
يا سيد النبآء إنك مرسل ... بالحق كل هدى السبيل هداكا .
إن الإله بنى عليك محبة ... في خلقه ومحمداً سماكا .
وذكر الشعراء في الشجاعة يوماً عند عبد الملك بن مروان فقال : أشجع الناس في الشعر عباس بن مرداس السلمي حيث قال : .
أقاتل في الكتيبة لا أبالي ... أحتفي كان فيها أم سواها .
وله يوم حنين أشعار حسان منها : .
عين تأوبها من شجوها أرق ... فالماء يغمرها طوراً وينحدر .
كأنه نظم در عند ناظمة ... تقطع السلك منه فهو ينكدر .
يا بعد منزل من ترجو مودته ... ومن حفى دونه الصفوان والحفر .
دع ما تقادم من عهد الشباب فقد ... ولى الشباب وجاء الشيب والذعر .
واذكر بلاء سليم في مواطنها ... وفي سليم لأهل الفخر مفتخر .
في شعر طويل يذكره أهل المغازي .
البطل فارس بني مروان