وكان أفراد العالم : وقع يوماً بصلات بلغت ألف ألف وسبعمائة درهم . وقيل لطاهر ببغداد لما بلغ ما بلغ : ليهنك ما أدركته من هذه المنزلة التي لم يدركها أحد من نظرائك بخراسان فقال : ليس يهنأني ذلك لأني لا أرى عجائز بوشتج يتطلعن من أعالي سطوحهن إذا مررت بهن ؛ وإنما قال ذلك لأنه ولد بها ونشأ فيها وكان جده مصعب والياً عليها . وكان شجاعاً ديناً وركب يوماً ببغداد في حراقته فاعترضه مقدس بن صيفي الخلوقي الشاعر وقد أدنيت من الشط ليخرج فقال : أيها الأمير إن رأيت أن تسمع مني أبياتاً قال : هات فأنشده : .
عجبت لحراقة ابن الحسين ... لا غرقت كيف لا تغرق .
وبحران من فوقها واحد ... وآخر من تحتها مطبق .
وأعجب من ذاك أعوادها ... وقد مسها كيف لا تورق .
فقال : أعطوه ثلاثة آلاف دينار وقال له : زد حتى نزيدك فقال : حسبي . وأورد قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان بعد هذه الأبيات قول يعض الشعراء - وهو ابن حمديس الصقلي - في بعض الرؤساء وقد ركب البحر : .
ولما امتطى البحر ابتهلت تضرعاً ... إلى الله : يا مجري الرياح بلطفه .
جعلت الندى من كفه مثل موجه ... فسلمه واجعل موجه مثل كفه .
وقيل إن طاهراً كتب إلى المأمون كتاباً لما ورد أمره عليه بتسليم العراق إلى علي بن آبي سعيد أن يصير إلى الشام قال في آخره : .
غضبت على الدنيا فجفت ضروعها ... وما الناس إلا بين راج وخائف .
فقلت أمير المؤمنين وإنما ... بقيت فتاء بعده للخلائف .
وقد بقيت في أم رأسي فضلة ... فأما لحزم أو لرأي مخالف .
فدفع الكتاب إلى الفضل بن سهل فوقع فيه بحضرته : يا نصف إنسان والله لئن هممت لأفعلن ولئن فعلن لأبرمن ولئن أبرمت لأحكمن والسلام . فلما وصل الجواب إلى طاهر كتب يعتذر إلى المأمون وقال : يا أمير المؤمنين إنما أنا كالأمة السوداء إن أحسن إليها أشرت وإن أسيء إليها دمدمت وإن عفي عنها طغت والسلام .
أبو البركات الفرضي .
طاهر بن سعيد بن صدقة بن الخضر بن كليب الحراني أبو البركات المقرئ الفرضي ؛ هو عم أبي الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن سعد البغدادي سمع بعد علو سنه من إسماعيل بن محمد بن مله الأصبهاني وعلي بن عقيل الحنبلي وعبد القادر بن محمد بن يوسف وحدث باليسير وكان صالحاً وله معرفة بالفرائض والقراءات وكان أبو بكر المرزني : يعتمد عليه في ما يقسمه منالتركات ويسكن إلى قوله وتوفي سنة ست وستين وخمسمائة .
أبو الفتح الميهني الصوفي .
طاهر بن سعيد بن فضل الله أبو الفتح ابن أبي طاهر ابن الشيخ أبي سعيد الميهني الصوفي من بيت التصوف والمشيخة ؛ كان مقدم أهل بيته في عصره وله قدم ثابت في الطريقة والحقيق ومقامات الصوفية سافر الكثير ولقي الأشياخ وأقام ببغداد مدة في طلب العلم وسماع الحديث وعاد إلى خراسان وكان أكثر مقامه بنيسابور وتوفي سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة .
القاضي أبو الطيب الطبري