بأبي أغْيَدٌ أذاب فُؤادي ... إذْ تَنَاءَى وأظْهَرَ الإعراضا .
رشأُ بأْلَفُ الجَفاءَ فإنْ أقْ ... بَلَ أبْدَى لآمِليه انقباضا .
ومنه وجميع حروفه مهملة من الطويل : .
صُدودُ سُعادٍ أحْدَرَ الدَمْعَ مُرْسَلا ... وأَسْأَرَ حَرّاً لَمْ أُحاوِلْهُ أوَّلا .
مُحَلِّلَةً صَدّاً أراه مُحَرَّماً ... مُحَرِّمَةً وَصْلاً أراه مُحلَّلا .
أُواصِلُ لا أسْلُو هواها مَلاَلَةً ... وكم آمِلٍ لِلْوَصْلِ هامَ ومَا بَلا .
لهَا طُولُ صدٍّ للمُسَهَّدِ مؤلِمٌ ... ووصل لَهُ طَعْمٌ أراهُ مُعَسَّلا .
وهي ثمانية أبيات قلت : وأحسن منها قول الحرير فِي المقامة السادسة والأربعين : من السريع : .
أعْدِدْ لحِسّادِ من حَدّ السِلاح ... وأَوْرِد الآمِلَ وِردَ السَماحْ .
ومن الحظيري أبيات تُخرج الضمير من حروف المعجم وذلك أنّ كلّ بيت لَهُ عدد يخصّه فللأوّل واحد وللثاني اثنان وللثالث أربعة وللرابع ثمانية وللخامس ستّة عشر وصورة العمل بذلك أن تقول لإنسان يُضمر حرفاً وتقرأ عَلَيْهِ الأبيات فإذا مرّ بِهِ الحرف المُضْمَر فِي بيت فَلْيَقُلْ : فِي هَذَا البيت ! .
وإن كَانَ المضمر فِي بيتين أو أكثر فليعلمك بذلك ثُمَّ اجمعْ عدد الأبيات الَّتِي أعلمك بِهَا وعُدَّ من ألف ب ت ث ج ح خ إلى آخره فعلى أيّها انقطع العد فهو فِي الحرف المضمر وإن كَانَ فِي الجميع فاعلم أنّ ذَلِكَ الحرف الَّذِي أضمره هو الألف .
والأبيات المذكورة هي قوله من الخفيف : .
قُلْ لهذا الغوالِ إنْ ظَلَّ يَحْنِي ... أنا أُصنَى إنْ خُنْتَني لِشقائِي .
خاب صَبٌّ أغْراهُ عَتْبُكَ فِي الح ... بَ ولو ضَرَّه بِزُورِ البكاءِ .
صِلْ خَليلي حَثَّ السلاف إلى ك ... لِّ شقِيقٍ قَضَى لِحَيْفِ الجفاءِ .
وَأدِمْ ذَمَّ من يصُدُّ ومن يُض ... مِرُ زُهداً من سائر الأشياءِ .
وَأحِطْ عنك ظُلْمَ ملّ غَنِيٍّ ... عَنْنك فِيهِ قِلىً لأهل العلاء .
قلت : وَفِي ترجمة عماد الدين أبي القاسم عبد الرحمن بن داود السبرياوي أبيات من هَذَا النمط ومن شعر الحظيري أيضاً قوله فِي مليح مصفّر من السريع : .
وأصْفَرُ يَعْجِزُ عَنْ وَثْفِهِ ... إذا رآه الفَطِنُ الحاذِقُ .
إذا بدا يَصْفَرُّ لَوْني لَهُ ... فليس يُدْرَى أيّنا العاشِقُ .
ومنه قوله فِي غلام أشقر من البسيط : .
كأنّ خدَّيْهِ والصُدْغَينِ فوقَهُما ... وَقَدْ غَدا لِعِتابي مُطرِقاً خَجِلا .
تَلَهُّبي من لَظَى قَلْبي وزَفْرتهِ ... قَدْ دَبَّتْ النارُ فِي خدَّيهِ فاشتعلا .
قلت : ومن قولي فِي مليح أشقر من الكامل : .
وَلَرُبَّ أشْقَرَ قالَ نَبْتُ عِذارِهِ ... يَا عاشِقِيه ليسَ شُقْرتُهُ عَجَبْ .
أيَكونُ طْرس الخَدِّ من ياقوتةٍ ... ويُخَطُّ فِيهَا الحُسْنُ إلاّ بالذَهَبْ .
وقلت فِيهِ أيضاً وضمّنته قول المعرّي فِي السيف من الوافر : .
وأشْقَرَ نبتُ عارضِهِ تَاره ... كأنّ شُعاعَ وَجْنَتِهِ تَلالا .
ودَبّتْ فوقه خُمرُ المنايا ... ولكِنْ بَعْدَما مُسِخَتْ نمِالا .
ومن شعر الحظيري أيضاً قوله من المجتثّ : .
يقول لي حين وافى ... قَدْ نِلْتَ مت تَرْتَجِيهِ .
فما لِقَلْبِكَ قَدْ جا ... ءَ خَفْقُهُ يَشتَكِيهِ .
فقلت وَصْلُك عُرْسٌ ... والقَلْبُ يَرْقُصُ فِيهِ .
قلت : قَدْ سقتُ فِي كتابي " نُصرْة الثائر عَلَى المثل السائر " جملةً من هَذِهِ المادّة .
ومن شعر الحظيري من المنسرح : .
صُبْحٌ مشيبي بَدا وَفارَقَنِي ... لَيْلُ شَبابي فَصِحْتُ وا قَلَقي .
وصِرْتُ أبْكي دَماً عَليه وَلا ... بُدَّ لِصُبْحِ المَشِيبِ مِنْ شَفَقِ .
ومنه من البسيط : .
أقولُ واللَيْلُ فِي امتدادٍ ... وأدْمُعُ الغيثِ فِي انسِفاحِ .
أظُنُّ ليلي بِغيرِ شَكٍّ ... قَدْ باتَ يَبْكي عَلَى الصَباحِ .
ومنه فِي قوام الدين من الوافر :