سعد بن عليّ بن القاسم بن عليّ بن القاسم بن الأنصاري الخزرجي أبو المعالي الحظيري بالحاء المهملة والظاء المعجمة الورّاق دلاّل الكُتُب . كَانَتْ لديه معارف وَلَهُ نَظْمٌ جيّدٌ وأدب كثير . صحب أبا القاسم عليّ بن أفلح الشاعر وجالس الشريف أبا السعادات الشجري وأبا منصور الجواليقي وأبا محمّد ابن الخشّاب وتفقّه عَلَى مذهب أبي حنيفة وأحبّ الخلوة والانقطاع فخرج سائحاً وطاف بلاد الشام ثُمَّ عاد إلى بغداد وَكَانَ وجيهاً عند أهلها . قال ياقوت فِي " معجم الأدباء " : وبلغني أنّه اتُّهم فِي دينه وسُعِيّ بِهِ أنّه يرى رأي الأوائل ونما ذَلِكَ عنه وخشي عَلَى مهجته ففارق وطنه وخرج يرى السياحة وتغرّب فِي البلاد مدّةً حتّى سكنت نفسه ومات من يخافهُ . ثُمَّ رجع إلى بغداد وبنى لَهُ بظاهر البلد صومعةً أقام بِهَا مدّة ثُمَّ عاد إلى مَا كَانَ عَلَيْهِ من بيع الدفاتر والكتب والتصنيف إلى أن أدركته منيّته فمات فِي صفر سنة ثمان وتسعين مائة انتهى . قلت : وَلَهُ من التصانيف " كتاب لمح الملح " وهو كتاب جمع فِيهِ مَا وقع لغيره من الجناس نظماً ونثراً وَقَدْ هذّبتُه أنا ونقحته وسمّيته " حرم المرح فِي تهذيب لمح الملح " . وَمَا كَانَ لَهُ علم بالقافية فإنّي رأيته يَعْقِدُ الباب للقافية ويورد فِيهِ مَا لا هو أصل فيه وَلَهُ " كتاب الإعجاز فِي الأحاجي والألغاز " و " كتاب صفوة الصفوة " وهو نظم كلّه فِي الحكمة و " كتاب زينة الدهر وعصره أهل العصر " ذيّله عَلَى " دمية القصر " وَلَهُ " ديوان " صغير الحجم إلاّ أنّ أكثره مصنوع مجدول نُقرأ القصيدة منه عَلَى عدّة وجوه ومن نظمه أبيات عَلَى أربعة أقسام وتُقرأ عرضاً وطولاً وهي من الرمل : .
إنّ سؤلي بدُر تمٍّ ... إن تبدّا وَهْوَ حسبي .
يَا عَذولي حِينَ ولّى ... وَتَجَنَّى لا لِذَنْبِ .
مَا رَثَى إذ رامَ هَجري ... وَجَفاني بعدَ حُبِّ .
قُلْتُ عُجْ بِي بَعْدَ عَتْبي ... شَفَّ قَلْبي مَلَّ قُرْبي .
ومنه أيضاً أبيات نصفها معجم ونصفها مهمل وهي من المضارع : .
قَضِيبُ قَفٍّ بجفن خشفٍ ... علاه لمّا سما هِلالُ .
يُذِيبُنِي نَبْتُ ذي شنيب ... وما درٌ مَا لَهُ حَلالُ .
يفتتني زينُ خبتِ ظَبْيٍ ... صُدودُه كُلُّهُ دَلالُ .
بَصٌ نَثِيٌّ غَضيضُ جَفْنٍ ... كدرّ موعوده المطالُ .
وهي أكثر من هَذَا : وَلَهُ أيضاً وأوّله بوسْني واحدة من الوافر : .
بِوَرْدِ الخَدِّ هَيمني حَبِيبُ ... يقلَ لَهُ المشاكِلُ والضريبُ .
وألْبَسَنِي مِنَ الأسْقامِ ثوباً ... وَفِي جلبابه غُصْنٌ رَطيبُ .
سَخَبْتُ الذيلَ فِي حُبِّيهِ قِدْماً ... فَلَيسَ لِمّا بُليتُ بِهِ طبيبُ .
نَدِمْتُ عَلَى مُفارَقَتي دِياراً ... يحلُّ بِهَا فَفِي قَلْبي نُدوبٌ .
يَهُونُ عَلى مفارقتي دياراً ... بأوّلِ شِعرهِ عِوّضٌ قَريبُ .
ومنه قوله وهو لا تنطبق فِي الشفتان من الرجز : .
ها أنا ذا عاري الجلَدْ ... أسْهَرَني الَّذِي رَقَدْ .
آه لِعَيْنٍ نَظَرَتْ ... إلى غَزالٍ ذِي غَيَدْ .
أرتْني يَا ناظري ... صَيْدَ الغوال للأسَدْ .
إنَّ الضَّنَى لِهَجِره ... يَا عاذِلي هَدَّ الجَسَدْ .
حَشَا حشايّ أذناي ... نار الغضاحين شَرَدْ .
يَا غادِراً غادَرَني ... عَلَى لَظَى نارٍ تَقَدْ .
ألاّ اصْطَنَعْتَ ناجِلاً ... لا يَشْتَكي إلى أحَدْ .
ومنه قوله وهو حرف معجم وحرف غير معجم من الخفيف : .
قَلْبُ صَبَّ سَبا بِوَجْهٍ بديعٍ ... تَحتَهُ قَدُّ غُصنِ أَيْكٍ يميلُ .
ثابَ وَجْدِي إذ رَثَّ حبلي ... حُبُّهُ قاتِلي فَصَبْرٌ جميلٌ .
ومنه أيضاً وهو كالذي قبله من المجتثّ : .
وغُصْتِ أيكٍ بديعِ ... شافَهْتُهُ بِعِتابي .
وقُلْتُ وَيِحْي مِنْ حُ ... بِّ من سبا بِرُضابِ .
ومنه وَفِي كلّ كلمة همزة من الخفيف :