وأخلع عذارك في محل ريه ... برذاذ دمع العاشقين وسفحه .
وإذا سرى سحراً طليح نسيمه ... مالت به سكراً ذوايب طلحه .
جهل الهوى قوم فراموا شرحه ... جل الهوى وجنابه عن شرحه .
وبي الذي يغنيه فاتر طرفه ... عن سيفه وقوامه عن رمحه .
ذو وجنة شرقت بماء نعيمها ... كالورد أشرقه نداه برشحه .
وكأن طرته ونور جبينه ... ليل تألق فيه بارق صبحه .
منها وأنشدنيها الشيخ أثير الدين من لفظه قال : أنشدني بدر الدين المنيحي : .
قلبي وطرفي ذا يسيل دماً وذا ... دون الورى أنت العليم بقرحه .
وهما بحبك شاهدان وإنما ... تعديل كل منهما في جرحه .
والقلب منزلك القديم فإن تجد ... فيه سواك من الأنام فنحه .
قلت : البيتان من هذه الثلثة قد أكثر الشعراء من النظم في معناهما ومن أحسن ما حضرني الآن قول شرف الدين شيخ الشيوخ الحموي : .
بقيت مسروراً فلم يبق لي ... بعدك لا جسم ولا روح .
دل على صدقي من مقلتي ... شاهد عدل وهو مجروح .
وقد عقدت لهذا المعنى باباً في كتابي الذي سميته لذة السمع في صفة الدمع وأنشدني الأمام شهاب الدين محمود بالسند المذكور للشيخ مجد الدين أيضاً : .
أواصل فيه لوعتي وهو هاجر ... ويؤنسني تذكاره وهو نافر .
ويغرى هواه ناظري بادمع ... يوردها ورد بخديه ناضر .
ويفتن في تيه الملاحة خاطراً ... فكل خلي في هواه مخاطر .
ويزور سخطاً ثاني العطف معرضاً ... فلا عطفه يرجى ولا الطيف زاير .
محياه زاه بالملاحة زاهر ... فقلبي وطرفي فيه ساه وساهر .
يجيل على القد المهفهف معجباً ... حبالة شعر كم بها صيد شاعر .
جلا طلعة كالروض دبجه الحيا ... ترف بماء الحسن فيه أزاهر .
وشهر خداً بالعذار مطرزاً ... فما لفؤاد لم يهم فيه عاذر .
فإن صاد قلبي طرفه فهو جارح ... وأن فتنت آياته فهو ساحر .
إذا كان صبري في الصبابة خاذلاً ... فما لي سوى دمعي على الشوق ناصر .
على ان فيض الدمع لم يرو غلة ... من الوجد إذ كتها العيون الفواتر .
وأنشدني بالسند المذكور له أيضا : .
أذابل أم قدك الناضر ... وباتر أم جفنك الفاتر .
ووردة هاتيك أم وجنة ... وروضة أم وجهك الباهر .
يا راقد الجفن أما رحمة ... منك لصب جفنه ساهر .
يا كاملاً في حسنه صل أخا ... شوق مديد حزنه وافر .
تخذت من شعرك أحبولة ... لا غرو أن صيد بها شاعر .
حاجبك المفرط في ظلمه ... أعانه ناظرك الجاير .
وعامل القد على قتلتي ... من مرشف الصدغ له ناظر .
يا رشأ آنسني بالآسى ... لم أنت عني أبداً نافر .
لا حكم للنادر لكنما ... حسنك والحكم له النادر .
أخبرني العلامة نجم الدين القحفازي النحوي الحنفي قال : أخبرني قاضي القضاة صدر الدين على الحنفي قال أنشدت الشيخ مجد الدين ابن الظهير قول الشاعر : .
وما فزت إلا من بعيد بنظرة ... وهل تنظر الأقمار إلا على بعد .
فأطرق قليلا ورفع رأسه وأنشد لنفسه موطياً لذلك : .
قضيت وما قضيت منكم لبانتي ... ولا ظفرت نفسي بوصل ولا وعد .
ومن شعر الشيخ مجد الدين قوله ملغزاً في بلبل : .
وما اسم ثنائي ... رباعي بلامين .
كلا شطريه أن ضوع ... ف فعلان بلامين .
وان خاطبت مأموراً ... به عاد كلامين .
وأن حرفت حرفين ... غدا فعلاً وحرفين .
ومن شعره أيضا : .
أكثر اللوم في الحبيب أناس ... عيروني ببذله بعد منع .
قلت شمس الضحى أشد أبتذالاً ... وهي محبوية إلى كل طبع