قال وأنشدني لنفسه : من الكامل .
لك مجلس ما رمت فيه خلوة ... إلا أتاح الله كل ثقيل .
فكأنه قلبي لكل صبابة ... وكأنه سمعي لكل عذول .
قال : وأنشدني لنفسه : من مجزوء الرمل .
وثقيل ما برحنا ... نتمنى البعد عنه .
غاب عنا ففرحنا ... جاءنا أثقل منه .
وقال : أنشدني لنفسه : من السريع .
أصبحت لا شغل ولا عطلة ... مذبذباً ذا صفقة خاسرة .
وجملة الأمر وتفصيله ... أني لا دنيا ولا آخرة .
قال : وأنشدني لنفسه : من الكامل المرفل .
أرسلته في حاجة ... بالقرب هينة المساغ .
فحرمت حسن قضائها ... إذ لم يكن حسن البلاغ .
كالخمر ترسل للفؤا ... د بها فتصعد للدماغ .
قال : وأنشدني لنفسه : من المتقارب .
فلانة في تيهها ... تغص بها مقلتي .
وقد زعمت أنها ... وليست بتلك التي .
فلا وجه إن أقبلت ... ولا ردف إن ولت .
قال : وأنشدني لنفسه : من السريع .
أقول إذ أبصرته مقبلاً ... معتدل القامة والشكل .
يا ألفاً من قده أقبلت ... بالله كوني ألف الوصل .
قال : وأنشدني لنفسه : من مجزوء الرجز .
يا روضة الحسن صلي ... فما عليك ضير .
فهل رأيت روضة ... ليس لها زهير .
قال : وأنشدني لنفسه : من الكامل المرفل .
أنا ذا زهيرك ليس إلا ... جود كفك لي مزينه .
أهوى جميل الذكر عن ... ك كأنما هو لي بثينة .
فاسأل ضميرك عن ودا ... دي إنه فيه جهينة .
قلت : ما أحلى لفظ مزينه ههنا فإن مزينة هي قبيلة زهير بن أبي سلمى وقال : أنشدني لنفسه ما ينقش على سيف : من المتقارب .
برسم الغزاة وضرب العداة ... بكف همام رفيع الهمم .
تراه إذا اهتز في كفه ... كخاطف برق سرى في ديم .
وقال : أنشدني لنفسه : من الطويل .
أغصن النقا لولا القوام المهفهف ... لما كان يهواك المعنى المعنف .
ويا ظبي لولا أن فيك محاسناً ... حكين الذي أهوى لما كنت توصف .
كلفت بغصن وهو غصن ممنطق ... وهمت بظبي وهو ظبي مشنف .
ومما دهاني أنه من حيائه ... أقول كليل طرفه وهو مرهف .
وذلك أيضاً مثل بستان خده ... به الورد يسمى مضعفاً وهو مضعف .
فيا ظبي هلا كان فيك التفاتة ... ويا غصن هلا كان فيك تعطف .
ويا حرم الحسن الذي هو آمن ... وألبابنا من حوله تتخطف .
عسى عطفة للوصل يا واو صدغه ... وحقك إني أعرف الواو تعطف .
أأحبابنا أما غرامي بعدكم ... فقد زاد عما تعرفون وأعرف .
أطلتم عقابي في الهوى فتطولوا ... فبي كلف في حمله أتكلف .
ووالله ما فارقتكم عن ملالة ... وجهدي لكم أني أقول وأحلف .
وقال قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان : أنشدني لنفسه : من السريع .
وأنت يا نرجس عينيه كم ... تشرب من قلبي وما أذبلك .
ما لك في حسنك من مشبه ... ما تم في العالم ما تم لك .
ولما توجه البهاء زهير رسولاً إلى بلاد الشرق اجتاز بالموصل وبه شرف الدين أحمد بن محمد الحلاوي الموصلي فمدحه بقصيدة مليحة منها : من البسيط .
تجيزها وتجيز المادحين بها ... فقل لنا أزهير أنت أم هرم .
ولما عاد اجتمع بالصاحب جمال الدين بن مطروح وأوقفه على القصيدة فأعجبه منها هذا البيت . فكتب إليه جمال الدين بن مطروح : من الوافر .
أقول وقد تتابع منك بر ... وأهلاً ما برحت لكل خير .
ألا لا تذكروا هرماً بجود ... فما هرم بأكرم من زهير .
قال ابن خلكان : وبيت ابن الحلاوي ينظر إلى قول ابن القاسم في الداعي سبا بن أحمد الصيلحي أحد ملوك اليمن وكان شاعراً جواداً من قصيدة : من الطويل .
ولما مدحت الهبرزي ابن أحمد ... أجاز وكافاني على المدح بالمدح .
فعوضني شعراً بشعر وزادني ... عطاء فهذا رأس مالي وذا ربحي