وتفقه على أبيه وعلى عمه أبي الفضل عبد الواحد ثم على القاضي أبي علي بن أبي موسى الهاشمي . وسمع من أبيه وعمه وعبد الواحد بن محمد بن مهدي وأحمد بن محمد بن المتيم وغيرهم .
وكان فقيهاً فاضلاً في المذهب والخلاف والأصول وله في ذلك مصنفات حسنة . وكان واعظاً مليح العبارة لطيف الإشارة فصيح اللسان ظريف المعاني .
وكان جميل الصورة وله القبول التام . وروسل من دار الخلافة إلى ملوك العراق وخراسان وما وراء النهر وحدث هناك . وروى عنه خلق كثير من أهل أصبهان يجوزون المائة . وله نظم . وتوفي سنة ثمان وثمانين وأربع مائة .
ومن شعره : من السريع .
يا ويح هذا القلب ما حاله ... مشتهراً في الحي بلباله .
سكران لو يصحو لعاتبته ... وكيف بالعتب لمن حاله .
دمع غزير وجى كامن ... يرحمه من ذاك عذاله .
ما يثني باللوم عن حبه ... تغيرت في الحب أحواله .
ومن شعره : من البسيط .
لا تسألاني عن الحي الذي بانا ... فإنني كنت يوم البين سكرانا .
يا صاحبي على وجدي بنعمانا ... هل راجع وصل ليلى كالذي كانا .
أم ذاك آخر عهد باللقاء بها ... فنجعل الدهر ما عشناه أحزانا .
ما ضرهم لو أقاموا يوم بينهم ... بقدر ما يلبس المحزون أكفانا .
ليت الجمال التي للبين ما خلقت ... وليت حاد حدا في الدهر حيرانا .
أبو سعد ابن الأخضر .
رزق الله بن محمد بن أبي الطيب محمد بن أحمد بن علي الخطيب أبو سعد المعروف بابن الأخضر أخو أبي الحسن علي بن محمد الأقطع الأنباري .
تفقه على مذهب أبي حنيفة وسمع ببغداد من عبيد الله بن محمد بن أحمد الفرضي وعبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي ومحمد بن نصر بن الفضل الستوري . وقدم بغداد بعد علو سنة وحدث بها وروى عنه أبو بكر أحمد بن علي بن بدران الحلواني .
وتوفي سنة تسع وستين وأربع مائة .
شفروه الحنفي : .
رزق الله بن هبة الله بن محمد القزويني أبو البركات الحنفي شفروه - بكسر الشين النعجمة وفتح الفاء وسكون الراء وفتح الواو وبعدها هاء - الأصبهاني من بيت مشهور بالفضل والعلم والتقدم . قدم بغداد واستجاز من الناصر وحدث عنه ببغداد . وتوفي سنة خمس عشرة وست مائة .
رزق الله أخو النشو .
رزق الله بن فضل الله مجد الدين أخو النشو . كان نصرانياً استخدمه أخوه شرف الدين النشو في استيفاء الخزانة والخاص وكان ينوب أخاه في غيبته ويدخل إلى السلطان الملك الناصر محمد . فلما كان في بعض الأيام وهو يوم الجمعة سنة ست وثلاثين وسبع مائة استسلمه السلطان قبل صلاة الجمعة فأبى عليه ثم لكمه بيده وعرض عليه السيف فأسلم وخلع عليه وقال له : لا تكون إلا شافعي المذهب مثلي . واستخدمه في ديوان الأمير سيف الدين ملكتمر الحجازي .
فساد وظهر صيته وعظم وشاع ذكره وكان فيه كرم نفس ونظافة ملبس وميل إلى المسلمين . كان له سبع يقرأ بالجامع الأزهر ويجهز إلى مكة للمجاورين ستين قميصاً في كل سنة .
وكان يستسلم من يحبه من عبيده وغلمانه خفية خيفة من أمه . وكان يفضل قماشه ويقول للخياط : طوله عن تفصيلي وكف الفضل عن قدري . فسألته عن ذلك فقال : أنا قصير وأهب قماشي لمن يكون أطول مني فإذا فتقه جاء على طوله . وكان يهب قماشه كثيراً إلى الغاية قلما يغسل له قماشاً إلا إن كان أبيض وكان في الصيف يغير في غالب الأيام مرتين .
وعمر داراً مليحة إلى الغلية على الخليج الناصري .
ولما أمسك أخوه النشو سلم مجد الدين رزق الله إلى الأمير سيف الدين قوصون فأصبح مذبوحاً ذبح نفسه ولم يتمكن أحد من معاقبته وذلك في ثالث صفر سنة أربعين وسبع مائة . وكان حلو الوجه مليح العينين ربعة .
رزيق .
مولى علي بن أبي طالب