وسأله المقام عنده وقال له : أنت من بيت الخلافة ومتى كنت بين المسلمين عمل ملوكهم على قتلك ومتى كنت عندي أمنت على نفسك . فأجابه إلى ذلك ورتب له كفاية لا تكون إلا للملوك . وكان يجيء إليه راكب بغلة فإذا صار عنده تنحى له عن مجلسه فيأبى فيجلسان معاً . وقال له : أريد تحقيق أخبار البلاد بالمعاينة لا بما ينقل من الكتب .
فوقع اختيارهما على أناس ألباء فطناء أذكياء وجهزهم رجار إلى أقاليم الشرق والغرب جنوباً وشمالاً وسفر معهم قوماً مصورين ليصوروا ما يشاهونه عياناً وأمرهم بالتقصي والاستيعاب لما لا بد من معرفته . فكان إذا حضر أحد منهم بشكل أثبته الشريف الإدريسي حتى تكامل له ما أراد وجعله مصنفاً وهو كتاب نزهة المشتاق الذي للشريف الإدريسي .
وكان رجار المذكور قد أخذ طرابلس الغرب عنوة بالسيف في يوم الثلاثاء سادس المحرم سنة إحدى وأربعين وخمس مائة وقتل أهلها وسبى الحريم والأطفال وأخذ الأموال .
ثم إنه شرع في تحصينها بالرجال والعدد . ثم إنه أخذ المهدية سنة ثلاث وأربعين وخمس مائة لأن صاحبها الحسن بن علي بن يحيى بن تميم بن المعز الصنهاجي عجز عن مقاومته . فخرج من المهدية هارباً بما خف من النفائس وخرج من قدر على الخروج على ما تقدم في ترجمة الحسن بن علي المذكور .
ولما هلك رجار ملك بعده ولده غليلم بضم الغين المعجمة وبين اللامين الساكنتين ياء آخر الحروف مفتوحة وبعد اللام الثانية ميم وعليه قدم ابن قلاقس الإسكندري الشاعر في سنة ثلاث وستين وخمس مائة وامتدحه بقصيدة أولها : من الطويل .
يقر لغليلم المليك ابن غليلم ... سليمان في ملك وداود في حكم .
وتخدمه الأفلاك بالسعد في العدى ... فيسطو بسيف البرق أو حربة النجم .
فأي هلال ليس كالقوس راشقاً ... بأي شهاب ليس ينفذ كالسهم .
وما النصر إلا جنده حيث ما مضى ... على جبهات البر أو صفحة اليم .
وهي قصيدة جيدة موجودة في ديوانه . يقال إنه كان مما أعطاه مركب حبن . ولما هلك غليلم ملكت ابنته أم الأنبرور ثم هلكت أم الأنبرور وخلفته صغيراً فملك وكان فاضلاً عاقلاً وجرت بينه وبين الكامل ابن العادل مراسلات وأظن أن القاضي جمال الدين ابن واصل توجه إليه في الرسلية وسأله عدة مسائل في المناظر وأجاب عنها القاضي جمال الدين وهي مشهورة تعرف بالمسائل الأنبرورية .
الشيخ الصالح المنيني .
أبو الرجال بن مري بن بحتر المنيني الشيخ الزاهد الصالح العارف القانت صاحب الأحوال والمكاشفات طلع إليه الناس وزاروه وتبركوا .
وكان الشيخ صدر الدين بن المرحل إذا نزل به أمر يقول : يا سيدي أبا الرجال . توفي سنة أربع وتسعين وست مائة .
الألقاب : .
أبو رجاء الأسواني : محمد بن أحمد بن الربيع .
أبو رجاء العطاردي : عمران بن ملحان .
أبو رجاء الفقيه : اسمه يزيد بن أبي حبيب .
رجب .
المقرئ الحنبلي .
رجب بن قحطان بن الحسن بن قحطان أبو المعالي الأنصاري الضرير الحنبلي البغدادي .
سمع أبا الحسين أحمد بن محمد بن النقور وحدث باليسير . سمع منه هزارسب بن عوض وغيره . وكان من مجودي القراء والمحسنين في الأداء ذا عقل وفضل وأدب . وتوفي سنة اثنتين وخمس مائة .
ومن شعره : من الرمل .
إنما المرء خلاص جائز ... فإذا جربته فهو شبه .
وتراه راقداً في غفلة ... فهو حي فإذا مات انتبه .
زين الدين الأرزني .
رجب بن قراجا بن عبد الله زين الدين الأرزني . قال لي الشيخ أثير الدين رفيقنا على الشيخ بهاء الدين رحمهما الله تعالى : له اعتناء بشيء من اللغة والأدب وكان يكتب خطاً ليس بالجيد لكنه في غاية الضبط والصحة . يشكل الحروف كلها ما أشكل منها وما لم يشكل .
أنشدنا لنفسه : من السريع .
شاهدت في طرسك سحراً غدا ... يخامر الألباب كالأكؤس .
فكان كالروض غدا ناضراً ... يلذ للأعين والأنفس .
رجيلة الأنصاري البياضي .
رجيلة بن ثعلبة بن عامر بن بياضة الأنصاري البياضي شهد بدراً . كذا قال ابن إسحاق بالجيم . وقال ابن هشام بالحاء . وقال غيره رخيلة بالخاء المعجمة فقد ورد فيه الثلاث . وذكره أبو الحسن الدارقطني بالخاء المعجمة .
الرحال بن عنفوة