الأمير ابن البرجميّ .
خليل ابن البرجمي الأمير حسان الدين . أعرفه وهو يتحدّث في نيابة ديوان الأمير سيف الدين بشتاك بالشام . ثم إنه تحدَّث في ديوان الكامل قبل أن يلي الملك . ولما ولي الكامل الملك طلبه إلىمصر ورسم له بطبلخاناه وشدّ الدواوين بالشام وخلع عليه . وجهزّه إلى الشام ومعه علاء الدين بن الحرَّاني ناظر النُّظار بالشّام فباشر ذلك . لم يزل على حاله مدة ولاية الكامل ولما خلع الكامل أخذت الطبلخاناة من الأمير حسام الدين المذكور . واستمر بطّالاً إلى أن كتب له بعشرة الأمير بدر لدين صدقة ابن الحاجّ بيدمر في أيام الأمير سيف الدين أرغون شاه . فلما حضر منشوره بذلك من مصر صحبة البريدي كان قد انقطع قبل بيومٍ ونفث دماً ومات ثاني يومٍ تاسع عشر شهر رجب الفرد سنة تسعٍ وأربعين وسبع مائةٍ في طاعون دمشق C تعالى .
الأشرف بن قلاون .
خليل بن قلاون السلطان الملك الأشرف صلاح الدين ابن السّلطان الملك المنصور سيف الدين قلاون الصّالحيّ . جلس على تخت الملك في ذي القعدة سنة تسع وثمانين وستّ مائة بعد موت والده . واستفتح الملك بالجهاد وسار ونازل عكا وافتتحها ونظف الشام كله من الفرنج . ثم سار في السنة الثانية فنازل قلعة الروم وحاصرها خمسةً وعشرين يوماً وافتتحها وفي السنة الثالثة جاءته مفاتيح قلعة بهسنى من غير قتالٍ إلى دمشق . ولو طالت مدته لملك العراق وغيرها . فإنه كان بطلاً شجاعاً مقداماً مهيباً علي الهمة يملاً العين ويرجف القلب . وكان ضخماً سميناً كبير الوجه بديع الجمال مستدير اللّحية على وجهه رونق الحسن وهيبة السّلطنة . وكان إلى جوده وبذله الأموال في أغراضه المنتهى . تخافه الملوك في أقطارها . أباد جماعةً من كبار الدولة . وكان ومنهمكاً على اللّذات لا يعبأ بالتحرّز على نفسه لفرط شجاعته .
توجَّه من القاهرة في ثالث المحرّم سنة ثلاث وتسعين وست مائة هو والوزير شمس الدين بن السّلعوس وأمراء دولته وفارقه وزيره من الطَّرَّانة إلى الإسكندرية وعسف فيها وظلم وصادر الناس ونزل الأشرف بأرض الحمّامات للصَّيد وأقام إلى يوم السَّبت ثالث عشر المحرّم . فلما كان وقت العصر وهو بتروجه حضر نائب السَّلطنة بيدرا وجماعة من الأمراء وكان الأشرف أمره بكرةً أن يمضي بالدِّهليز ويتقدم ليتصيّد هو ويعود عشيّةً فأحاطوا به وليس معه إلا شهاب الدين ابن الأشلِّ أمير شكاره فابتدره بيدرا فضربه بالسّيف قطع يده فصاح حسام الدين لاجين عليه وقال : من يريد الملك تكون هذه ضربته ؟ وضربه على كتفه حلَّه . فسقط إلى الأرض ولم يكن معه سيف بل كان مشدود الوسط بالبند . ثم جاء سيف الدين بهادر رأس نوبة فأدخل السيف من أسفله وشقه إلى حلقه وتركوه طريحاً في البرية والتفّوا على بيدرا وحلفوا له .
وساق تحت العصائب يطلب القاهرة وتسمَّى فيما قيل بالملك الأوحد . وبات تلك الليلة وأصبح يسيِّر . فلما ارتفع النهار إذا بطلبٍ كبيرٍ قد أقبل يقدمه زين الدين كتبغا وحسام الدين أستاذ الدار يطلبون بيدرا بدم أستاذهم وذلك بالطَّرَّانة . فحملوا عليه فتفرَّق عنه أكثر من معه وقتل في الحال وحمل رأسه على رمح وجاؤوا إلى القاهرة فلم يمكَّنهم الشُّجاعيّ من التعدية وكان نائب السلطنة في تلك السّفرة . فأمر بالشواني كلها فربطت إلى الجانب الآخر ونزل الجيش على الجانب الغربي . ثم مشت بينهم الرسل على أن يقيموا في السلطنة الملك الناصر محمداً أخا الأشرف فتقرر ذلك وأجلسوه على التخت يوم الاثنين رابع عشر المحرم وأن يكون كتبغا أتابكه ووزيره الشُّجاعي . واختفى حسام الدين لاجين وقراسنقر المنصوري وغيرهما ممن شارك في قتلته