قال الشيخ تقيُّ الدين : الشيخ خضر مسلم صحيح العقيدة لكنه قليل الدين باطوليٌّ له حال شيطاني . وكانت وفاته سنة ستّ وسبين وست مائة وكان قد بنى له زاوية بالحسينية على الخليج محاذيةً لأرض الطبَّالة ووقف عليها أحكاراً يجيء منها في السنة ثلاثون ألف درهم وبنى له بالقدس زاويةً وبالمزَّة بدشق زاويةً وبظاهر بعلبكَّ زاويةً وبحماة زاويةً وبحمص زاويةً وهدم بدمشق كنيسة اليهود وكنيسة المصلَّبة بالقدس التي للنصارى وقتل قسيسها بيده وعملها زاويةً وهدم بالإسكندرية كنيسة الروم وصيَّرها مسجداً وسماها المدرسة الخضراء . وكان واسع الصدر يعطي الفضة والذهب ويعمل الأطعمة في قدور مفرطة الكبر يحمل القدرة جماعة عتالين وفي ملازمته للملك الظاهر يقول شرف الدين محمد ابن رضوان الناسخ : من الكامل .
ما الظّاهر السلطان إلاّ مالك ال ... دنيا بذاك لنا الملاحم تخبر .
ولنا دلل واضح كالشمس في ... وسط السّماء بكلِّ عينٍ تنظر .
لمّا رأينا الخضر يقدم جيشه ... أبداً علمنا أنّه الإسكندر .
الأمير موفَّق الدين الرّحبيّ .
خضر بن محاسن المقدّم موفَّق الدين الرَّحبي الأمير . كان من دهاة العالم وشجعانهم كان جمّاساً لشخص من الرّحبة فمات فتزوّج بامرأته وحاز تركته . وتنقّلت به الأحوال وصار قراغلام بالرحبة أيام الأشرف صاحبها . ثم خدم نواب الظاهر فوجدوه كافياً . وتعّرف بعيسى بن مهنَّا ثم أعطي خبزاً بتبعين وتمكن إلى أن ولي إمرة الرّحبة بعد موت الإسكندراني . ودبّر الأمور وجهّز القصَّاد فلما انكسر سنقر الأشقر ولحق بالرحبة ومعه ابن مهنّا فطلب من الموفّق تسليم الرحبة فخادعه وراوغه وبعث الإقامات وطالع المنصور بأحواله . وتألَّف الأمراء وأفسدهم على سنقر الأشقر . فلما قدم السلطان دمشق وفد إليه بهدايا فأقبل عليه . لكن أتى تجار أخذوا فوجدوا بعض قماشهم عنده فشكوه وعضده علم الدين الحلبيّ فاعتقل فعزَّ عليه الأمر واغتمّ ومرض ومات كمداً سنة ثمانين وستّ مائةٍ وقد قارب السبعين .
القاضي برهان الدّين السِّنجاريّ .
الخضر بن الحسن بن عليّ قاضي القضاة برهان الدين الزرزاري السّنجاريّ الشافعيّ . ولد سنة عشرة وتوفي سنة ست وثمانين وست مائة . ولي قضاء مصر في الدولة الصّالحية فيما قيل إذ أخوه بدر الدين قاضٍ على القاهرة . وبقي على ذلك إلى أيام الظاهر فعمل عليه الصّاحب بهاء الدين وعزله وحبسه وضرب . وبقي معزولاً فقيراً ليس بيده سوى المدرسة المعزِّية . فلما مات ابن حمى سيَّر له الملك السعيد تقليداً بالوزارة فأحسن إلى آل ابن حنَّا ولم يؤذهم . وبقي في الوزارة إلى أن تولَّى الشُّجاعي شد الدواوين سعى في عزله وضربه . وبقي معزولاً إلى أن مات نجم الدين الأصفونيّ الوزير فأعيد إلى الوزارة . وبقي مدةً ثم سعى الشجاعي أيضاً وآذاه . ولما توفي القاضي بهاء الدين بن الزكي بدمشق ذكر لقضاء الشّام ثم زووه عنه إلى ابن الخوئيِّ . ثم ولي قضاء القاهرة والوجه البحريِّ خاصة فبقي عشرين يوماً ومات . يقال أنه سمَّ وولي بعده ابن بنت الأعز جميع الديار المصرية . وكان لا بأس بسيرته فيه مروءة وقضاء حوائج النّاس . وقد روى جزءاً عن أبي اللّمط سمع منه البرزاليّ والمصريون . وما أحسن ما كتب إليه السِّراج والورَّاق وقد خلع عليه بالوزارة : من الوافر .
تهنَّ بخلعةٍ لبست جمالاً ... بوجهٍ منك سبَّح مجتلوه .
وقال الناس حين طلعت فيها ... أهذا البدر ؟ قلت لهم : أخوه .
وفيه يقول الحكيم شمس الدين بن دانيال : من الكامل .
إن السَّناجرة الكرام لمثلنا ... بهم إذا جار الزَّمان أمان .
لا تجحد الأعداء ذاك جهالةً ... فلنا على ما ندّعي البرهان .
وفيه يقول شهاب الدين المنازي : .
جبت البلاد فلم أغادر غادراً ... إلاّ ظفرت بغادرٍ خوَّان .
وسألت عن سمحٍ فأنكره الورى ... فعطفت نحو الخضر فضل عناني .
جحدوا وجود الجود إلا أنني ... أثبتُّ ما جحده بالبرهان .
وفيه يقول محيى الدين بن عبد الظاهر لما جهز إليه التقليد : من الخفيف .
بك زال الخلاف واصطلح الخص ... مان يا دولة المليك السّعيد