فطرب هشام وقال : يا جارية اسقيه . فسقته فذهب ثلث عقله ثم قال : أعد فأعاد فطرب فقال : يا جارية اسقيه . فسقته فذهب ثلثا عقله ثم قال له : أعد فأعاد فقال : سل حوائجك . فقال : إحدى الجارتين فقال : هما جميعاً لك بما لهما وما عليهما . ثم قال للأولى : اسقيه فسقته فسقط معها ولم يعقل . فلما أصبح إذا هو بالجارتين عند رأسه وعشرة من الخدم مع كل واحدة بدرة . فأخذ الجميع وانصرف . هكذا أورد صاحب الأغاني هذه الحكاية وفي بعضها زيادة . وقال في الأول أن هشاماً كتب إلى عامله يوسف بن عمر بتجهيز حمّاد إليه . قال شمس الدين ابن خلكان : هكذا ساق الحريري هذه الحكاية . وما يمكن أن تكون هذه الواقعة مع يوسف بن عمر الثقفيّ لأنه لم يكن والياً بالعراق في التاريخ المذكور بل كان توليه خالد بن عبد الله القسريّ . قال : وهشام لم يكن يشرب الخمر . قلت : ومع سعة هذه الرواية كان لا يحسن من القرآن إلا أمَّ الكتاب فألزموه . فقرأ في المصحف فصحَّف في مواضع منها : أن اتَّخذي من الجبال بيوتاً ومن الشَّجر وممَّا يغرسون بالغين المعجمة والسين المهملة وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلاَّ عن موعدةٍ وعدها أباه بالباء الموحدة وليكون لهم عدوّاً وحربا بالراء والباء الموحدة ويعزِّزوه . . بزايين و لكلِّ امرىءٍ منهم يومئذٍ شأنٌ يعنيه بفتح الياء والعين المهملة وهم أحسن أثاثاً وزيّا... بالزاي وعذابي أصيب به من أساء بالسين المهملة وفتح الهمزة الثانية ونبلو أحباركم بالحاء المهملة وصنعة الله ومن أحسن من الله صنعةً بالنون والعين المهملة وسلامٌ عليكم لا نتبع الجاهلين بالنون والتاء المثناة من فوق والباء والموحدة والعين المهملة وقل إن كان للرَّحمن ولدٌ فأنا أوَّل العايذين بالياء آخر الحروف والذال المعجمة .
كتب حمَّاد إلى بعض الأشراف : من الخفيف .
إنَّ لي حاجةً فرأيك فيها ... لك نفسي فدىً من الأوصاب .
وهي ليست مما يبلِّغها ع ... يري ولا يستطيعها في كتاب .
غير أني أقولها حين ألقا ... ك رويداً أسرُّها في حجاب .
فكتب إليه الرجل : اكتب لي حاجتك ولا تشهرني في شعرك . فكتب إليه حمَّاد : من الخفيف .
إنَّني عاشقٌ لجبَّتك الدّكناء ... عشقاً قد حال دون الشَّراب .
فاكسنيها فدتك نفسي وأهلي ... أتباها بها على الأصحاب .
ولك الله والأمانة أن أجعلها ... عمرها أمير ثيابي .
فبعث بها إليه . وقال أبو الغول يهجوه : من الكامل .
نعم الفتى إن كان يعرف ربَّه ... أو حين وقت صلاته حمَّاد .
ضمَّت مشافره الشّمول فأنفه ... مثل القدوم يسنُّها الحدَّاد .
وابيضَّ من شرب المدامة وجهه ... فبياضه يوم الحساب سواد .
وأخبارحمَّاد كثيرة في كتاب الأغاني وغيره . وتوفي سنة خمس وستين ومائة .
عجرد .
حمّاد عجرد بالعين المهملة مفتوحة وسكون الجيم وفتح الراء وآخرها دال ومهملة وقيل له ذلك لأنه مرَّ به أعرابي وهو غلام يلعب مع الصِّبيان في يوم شديد البرد وهو عريان . فقال له : لقد تعجردت يا غلام والتعحرد التعرِّي وهو أبو يحيى بن عمر بن يونس بن كليب الكوفي الواسطي مولى بن سوأة بن عامر بن صعصعة . وهو من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسيَّة . ونادم الوليد بن يزيد الأموي وقدم بغداد أيام المهدي . وهو من الشعراء المجيدين وبينه وبين بشَّار بن برد أهاج فاحشة وله في بشَّار كل معنى غريب . وأورد صاحب الأغاني من هجائهما جملة . ومن هجائه في بشَّار : من مجزوء الوافر .
ألا من مبلغٌ عني ... الَّذي والده برد .
إذا نسب الناس ... فلا قبلٌ ولا بعد .
شبيه الوجه بالقرد ... إذا ما عمي القرد .
فلما سمع ذلك بشَّار صفق بيديه وقال : ما حيلتي يراني ابن الزانية فيشبهني ولا أراه فأشبهه . وقال فيه أيضاً : من السريع .
لو طلبت جلدته عنبراً ... لأفسدت جلدته العنبرا .
أو طليت مسكاً ذكيّاً إذاً ... تحوَّل المسك عليه خرا