هي البانة الهيفاء تخطر أو تخطو ... أو الظّبية الوطفاء تنظر أو تعطو .
بل الشمس والجوزا وشاحٌ وقلبها ... هلالٌ ومن نجم الثُّريا لها قرط .
إذا اهتزّ ذاك القدُّ وارتجَّ ردفها ... فيا حبَّذا تلك الأراكة والسِّقط .
من الغيد تغدو بالقلوب أسيرةً ... وتحكم منّا في القلوب فتشتطُّ .
إذا ذلَّ مضناها تتيه تدلُّلاً ... وإن جدّ بالصَّبِّ الهوى فلها بسط .
وفي شرعها أنَّ الوصال محرّمٌ ... وأنَّ الجفا والصَّدَّ في حبّها شرط .
سبتني غداة البين حين ترحَّلت ... وأومت بتوديعي أناملها السُّبط .
وأبدت دنوّاً والبعاد وراءه ... وربَّ رضىً قد طال من بعده السُّخط .
فما روضةٌ صفَّت نمارق زهرها ... ومن سندسيَّات الربيع لها بسط .
بأبهى واذكى من سناها وعرفها ... ومما حوت تلك المطارف والنُّمط .
ولما سرت ذاك الخليط تبادرت ... مدامع طرفٍ بالدّماء لها خلط .
حكت أدمعي لون الجمان بجيدها ... ولكن لذا نظمٌ وهذا له فرط .
بروحي التي في القرب شحَّت بنظرةٍ ... وبات ضجيعي طيفها والمدى شحط .
رأى نار أشواقي فلم يخط موضعي ... وزار كلمحٍ والصَّباح له وخط .
ولو كنت أدري أن يلمّ خيالها ... فرشت له خدِّي ومن لي بأن يخطو .
وما برحت تشتطُّ والشَّمل جامعٌ ... فلم سمحت بالوصل والحيُّ قد شطُّوا .
خليليَّ قد نمَّت بوجدي عبرتي ... فلا تعذلاني واعذرا فالأسى فرط .
فإن أخفه فالزَّند بوجدي عبرتي ... وإن أبده قهراً فقد يظهر السّقط .
فكم ذا أشيم البرق من أيمن الغضا ... دجى أو تبدّى لي ذوائبه الشُّمط .
وحتّام أرعى أنجم اللِّيل ساهراً ... كأنَّ لعلياء الجفون بها ربط .
تفرَّق منها شملها وترجَّلت ... وبالغرب قد أضحى لأرجلها حطُّ .
حكتني وأحبابي افتراقاً وألفةً ... فمني لها رحمى ومني لها غبط .
كأنَّ بآفاق السماء قلائداً ... وفي كل قطرٍ من كواكبها سمط .
كأنَّ صغار الشُّهب بين كبارها ... سطورٌ من البلَّور زيَّنها النَّفط .
كأنّ مرور السُّحب فوق نجومها ... رياض أقاحٍ مرَّ من فوقها مرط .
كأنّ رقيق الغيم يحجب نورها ... خمارٌ على حسناء يبدو وينحطُّ .
كأنّ كمون البرق ثم ظهوره ... بنانٌ خضيبٌ شانه القبض والبسط .
كأنّ الدجا والزهر فرع مكلل ... له الفجر فرقٌ والثريا له مشط .
كأنّ نجوم الأفق والصبح لائحٌ ... أزاهر في نهرٍ تلوح وتنعطُّ .
كأنّ يد الإمساء تنثر لؤلؤاً ... وتأتي يد الإصباح من دأبها اللَّقط .
كأنَّ انهمال الغيث والبرق مضرمٌ ... أيادي عليٍّ حين يسمح أو يسطو .
غياث الورى المدعوّ إن جلَّ حادثٌ ... وغيث الورى المرجوّ إن شمل القحط .
وأنشدني من لفظه لنفسه : من مجزوء الرمل .
حكم الرازق بالرز ... ق فما هذا التهافت ؟ .
لم يقل من كدَّ وافه ... ولمن عنك التهى فت