ثم إنه فارق بغداد وسكن الشام وبقي في خدمة الملك الظاهر صاحب حلب واتصل بعد وفاته بالأشرف وبقي معه مدة بحران ودمشق . وكان يتولى خزانة الكتب بهما .
قال محب الدين بن النجار : علقت عنه كثيراً بحلب . وتوفي بدمشق سنة ثلاث وثلاثين وستمائة .
وأورد له قصيدة كتبها إلى الظاهر : من الرجز .
يا ابن صلاح الدين يا مولى البشر ... يا ملكاً في الناس محمود السير .
جدواه أجدى من سحابٍ منهمر ... لأنه في كل وردٍ وصدر .
بالماء يأتي وهو يولي بالبدر ... ووجهه أحسن من وجه القمر .
وعدله في ملكه مثل عمر ... مولاي إني عازمٌ على السفر .
في خدمة المولى الوزير المعتبر ... في صحة الرأي وفي حسن النظر .
وحاجتي حويجةٌ تنفي المطر ... أرفل فيها تائهاً على الحبر .
ومالكي سمحٌ عطاياه غرر ... لا زال في سعدٍ وعزٍ وظفر .
وكان يلقب بالقاضي وبعز الدين . وحدث عن الأبله الشاعر . وله تاريخٌ كبير على الشهور .
أبو القاسم الكاتب .
الحسن بن محمد بن أيوب بن سليمان أبو القاسم بن أبي طالب الكاتب البغدادي . كان يتولى الأعمال بواسط . وكان أديباً فاضلاً . وتوفي سنة ثمان وسبعين وأربعمائة .
ومن شعره : من الكامل .
عودتني من حسن رأيك عادةً ... راشت جناحي والجناح كسير .
أحسنت عندي والخطوب مسيئةٌ ... وحفظتني والحاسدون كثير .
ووقيتني نوب الزمان وصرفه ... والدهر يسلمني وأنت تجير .
شكراً لأنعمك الجسام فإنني ... عبد لما أوليتنيه شكور .
بشرٌ وتقريبٌ وعطفٌ في ندىً ... لا من يتبعه ولا تكدير .
أنا من جنابك في ربيع ناضرٍ ... لي في حماه روضةٌ وغدير .
وألفت أن لا أبتغيك لحاجةٍ ... إلا وقارن مطلبي التيسير .
قد نابني حدثٌ تدارك مثله ... سهلٌ عليك إذا أردت يسير .
وإذا أمرت أطاع أمرك كل من ... وطئ التراب رعيةٌ مأمور .
حاشى لمثلك أن يرد مطالبي ... أو أن يكدر عرفك التأخير .
أو أن أذم من الزمان صروفه ... وجميل رأيك عدةٌ وظهير .
قلت : شعر جيد . وكتب هذه الأبيات إلى رئيس الرؤساء أبي القاسم علي ابن الحسن يستنصره في أمر ضيعة له أقطعت فارتجعها له .
أبو القاسم الأنباري .
الحسن بن محمد بن الحسن بن زكرويه التميمي أبو القاسم الأنباري الشاعر .
قدم بغداد ومدح الإمامين المقتدي وابنه المستظهر وكان أديباً . سمع منه أبو الحسن سعد الخير بن محمد بن سهل الأنصاري وأبو الفضل محمد بن محمد ابن عطاف الموصلي .
ومن شعره : من الطويل .
لعل خزامى جاسم يتنسم ... فتبرد أنفاسي التي تتضرم .
أحسن إلى ذاك الجناب وأهله ... وأسأل عنه من لقيت وعنهم .
وتعجبني أنفاس أرواحه التي ... تهب وساري برقه المتنسم .
وإني وإن ساءت ظنوني بأهله ... وصدقها ما قد بدا لي منهم .
لأعرض عن واشيهم متكفتاً ... وأقطع حبل الوصل منه وأصرم .
وإنهم مع ما بهم من ملالة ... إلى القلب أدنى من أود وأكرم .
فليتهم إذ سهدونا ببعدهم ... وناموا أحلوا ما من النوم حرموا .
قلت : شعر متوسط .
أبو علي الديبلي قاضي السند .
الحسن بن محمد بن الحسن بن أبي سهل أبو علي المضري الديبلي قاضي بلاد السند .
قدم بغداد حاجاً وأملى بها وحدث عن مسعود بن أبي . سمع منه إلياس ابن جامع الأربلي وعاد إلى بلاده سنة خمس وسبعين وخمسمائة . ثم توفي قريباً من ذلك في بلده .
ومن شعره : من الطويل .
تذكرنيه الشمس والبدر إن بدا ... ويذكرنيه الليث والغيث والبحر .
ومن أين من تهتانه البحر والحيا ... ومن أين من شحنائه الشمس والبدر .
أبو سعد بن حمدون .
الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن حمدون تاج الدين أبو سعد الكاتب