خرج من بلاده ودخل الإسكندرية وسمع بها أبا بكر محمد بن الوليد الطرطوشي والحافظ السلفي . ودخل العراق والبصرة وخراسان وسكن نيسابور وسمع بها الكثير من أبي نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوزان القشيري وغيره ودخل بغداد وحدث بها بيسير ثم سافر إلى مكة وتوجه إلى الشام وحلب إلى حين وفاته .
وكان شيخاً صالحاً غزير الدمعة عند الذكر عالماً فاضلاً قرأ شيئاً من علم الكلام على أبي نصر القشيري وتوفي سنة ثمن وستين وخمسمائة . وقد وصل إلى الثمانين .
البربهاري الحنبلي .
الحسن بن علي بن خلف البربهاري شيخ الحنابلة ومقدمهم الفقيه العابد . كان شديداً على أهل البدع يقال : إنه تنزه عن ميراث أبيه وكان سبعين ألف درهم . وكان تقع الفتن بين الطوائف بسببه فتقدم الإمام القاهر إلى وزيره أبي علي بن مقلة بالقبض عليه ؛ لتنقطع الفتن فاستتر فقبض على جماعةٍ من أصحابه ونفوا إلى البصرة .
ثم إن البربهاري ظهر في أيام الراضي وظهر أصحابه وانتشروا وعادوا إلى ما نهوا عنه فتقدم الراضي بالله إلى بدر الخرشني صاحب الشرطة ببغداد بالركوب والنداء أن لا يجتمع من أصحاب البربهاري نفسان فاستتر البربهاري أيضاً . وتوفي في الاستتار الثاني سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة .
ومن شعره : من المنسرح .
من قنعت نفسه ببلغتها ... أضحى غنياً وظل ممتنعا .
لله در القنوع من خلق ... كم من وضيع به قد ارتفعا .
تضيق نفس الفتى إذا افتقرت ... ولو عزى بربه اتسعا .
وكان عارفاً بالمذهب أصولاً وفروعاً .
ولما دخل الأشعري بغداد قال رددت على المعتزلة والنصارى والمجوس . وقلت فقال البربهاري : ما أدري مما قلت لا قليلاً ولا كثيراً ولا نعرف إلا ما قاله أحمد بن حنبل فخرج الأشعري وصنف له الإبانة فلم يقبله منه .
وللبربهاري مصنفات منها : شرح السنة . وله مقامات ومجاهدات .
ابن خطيب مالقة .
الحسن بن علي بن صالح أبو علي الهمداني من أهل مالقة يعرف بابن خطيب مالقة .
قدم بغداد سنة سبع وخمسين وخمسمائة طالباً للحديث . وسمع من شيوخ ذلك الوقت وكتب بخطه كثيراً وحدث بيسير .
وكانت له كتب ملاحٌ أصول بخطوط العلماء . توفي بإصبهان سنة إحدى وستين وخمسمائة .
؟ أبو علي بن صدقة جلال الدين الوزير الحسن بن علي بن صدقة أبو علي بن أبي العز الوزير الملقب بجلال الدين .
ولد بنصيبين سنة تسع وخمسين وأربعمائة وخدم بعد وفاة أبيه وقد أناف على العشرين من عمره الأمير إبراهيم بن قريش بن مسلم فلما قبض على إبراهيم هرب من الموصل إلى بغداد وولي النظر في أملاك الوكلاء بواسط وغير ذلك من الولايات .
وتزوج بابنة الوزير أبي المعالي بن المطلب ثم ولي نظر ديوان الزمام ثم استعفى ثم أعيد إليه ثم عزل ثم ولي الحلة وبقي مدة ثم عاد إلى الديوان ولم يزل يخدم تارة ببغداد وتارة بأعمالها إلى أن توفى الوزير أبو شجاع الحسين ابن الوزير أبي منصور بن أبي شجاع بإصبهان وكان أبو علي بتكريت فكوتب من الديوان بالوزارة فحضر بغداد وولي الوزارة ومالت قلوب الناس إليه .
ولم يزل على ولايته عالي القدر إلى أن قبض عليه وحبس بدار الخلافة ونهب داره وهرب أهله ثم وقع الرضى عليه وأعيد إلى الوزارة وكان يوماً مشهوداً .
ولم يزل في علو قدر إلى أن توفي سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة . فقال ابن الأقفاصي يرثيه . من الطويل .
نزورك في ثوبي خشوع وذلة ... كأنك ترجى في الضريح وترهب .
ونلثم ترباً من رفيع محجبٍ ... كما يلثم البيت الرفيع المحجب .
وترثى بما قد كنت ممتدحاً به ... فيحزننا منك الذي كان يطرب .
ومن شعر الوزير ابن صدقة ما كتبه إلى المسترشد بالله : من الطويل .
تقسم أمري فيك كيف نسيتني ... وأنت بأن ترعى الحقوق حقيق .
وما ذاك إلا أن شيمتك العلا ... وليس لها يوما إلي طريق .
لأن صروف الدهر حطت محلتي ... فمهبطها دون اللقاء عميق .
؟ المؤدب البصري الحسن بن علي بن عبد الله البصري المؤدب أبو علي .
أورد له محب الدين بن النجار : من البسيط .
حتى متى أنت باللذات مسرور ... وكم ترى وإلى كم أنت مغرور