لا أستمع الحديث من غيركم ... من لذّه فكري واشتغالي بكم .
ألوي نظري كأنني أفهمه ... من قائله وخاطري عندكم .
ومنه : من الدوبيت .
في وجنته من مهج العشاق ... ما قام دليله على الإهراق .
والسّالف قد دبَّ على جمرتها ... قالورد يرى من خلل الأوراق .
ومنه في كشتوان : من الخفيف .
أنا عونٌ على بلوغ المرام ... ولي اسم بالعون والنفع سام .
أنا بي يتَّقى الحرير من اللبس ولبسي في غاية الابهام .
ومنه : من السريع .
يعبث عجباً بقلوب الورى ... في الشح بالوصل وبذل السَّماح .
يؤيس بالنرجس من يجتني ... فإن لوى أطعمه بالإقاح .
وأورد له الشيخ شمس الدين في ترجمة عبد الحق بن إبراهيم بن سبعين من مخلع البسيط .
مظاهر الحق لا تعدُّ ... والحق فيها فلا يحدُّ .
فباطنٌ لا يكاد يخفى ... وظاهر لا يكاد يبدو .
إن بطن العبد فهو ربٌّ ... أو ظهر الربّ فهو عبد .
فعين كل عين زل وجوداً ... قبضٌ وبسطٌ أخذٌ ورد .
ومن شعر جوبان أيضاً قوله : من المحدث .
سار مذموم ركبهم ... وهو عنّي مجنَّب .
فأنا اليوم بعدهم ... بالمغاني أسبِّب .
وكتب على قوس : من الخفيف .
أنا عون على هلاك عداكا ... زادك الله نصرةً وحماكا .
فادعني في الوغى تجدني صبوراً ... نافذ السّهم في العدى فتاكا .
بي في الحرب نلت مطلبك الأق ... صى وما بي من قدرة لولاكا .
ومن شعره : من مجزوء الوافر .
قطعت العمر منعكفاً ... على نضييع أوقاتي .
فمن أسفٍ على الماضي ... ومن حرصٍ على الآتي .
ومنه : من السريع .
لما بدا الشَّعر على سالفيه ... سعى به من كان يسعى إليه .
ما عاينت من قبله مقلتي ... بدراً عراه النّقص من جانبيه .
وقيل إنه كان يهوى غلاماً حسناً عند معلّم فكان إذا توجَّه إلى حانوته أشار إليه الغلام بأن لا يقف خوفاً من معلّمه فقال : من المنسرح .
أقصد حانوته فيغمرني ... أن لا تقف عندنا لتهتكنا .
فإنّ هذا معلّمي رجلٌ ... قد لاط قسطاً من عمره وزنى .
لا جمّل الله من معلّمه ... بالسِّتر عرقاً إن عاش أو دفنا .
علَّمه صنعةً يعيش بها ... معه وأخرى بها أموت أنا .
قلت سكّن الفاء من يقف وهي مفتوحة ولهذا لحنٌ وسكَّن العين من معه واللغة الفصحى تحريكها .
النوين .
جوبان النوين الكبير نائب المملكة المغليَّة . كان بطلاً شجاعاً مهيباً شديد الوطأة كبير الشأن كير الأموال عالي الهمة صحيح الإسلام ذا حظ من صلاةٍ وبرٍّ . بذل الذهب الكثير حتى أوصل الماء إلى مكة وجرى بها ولم يبق للماء ثمن يباع به وإنما الثمن لأجرة نقلة لا غير . وأنشأ مدرسة مليحة بالمدينة النبويّة وتربةً ليدفن بها . وكان له ميل كثير إلى الإسلام وهو أحد الأسباب الكبار في تقرير الصلح بين السلطان بو سعيد مخدومه والسلطان الملك الناصر .
أخبرني جماعة من أهل رحبة مالك بن طوق أنه لما نزل خربندا عليها ونصب المجانيق في منجنيق قراسنقر حجراً تعتع القلعة وشقّ منها برجاً ولو رمى غيره هدمها . وكان الجوبان يطوف على العساكر وشاهد المحاصرين فلما رأى ذلك أحضر المنجنيقي وقال له : تريد أن أقطع يدك الساعة وسبّه وذمّه بانزعاج وحنق وقال : والك في شهر رمضان نحاصر المسلمين ونرميهم بحجارة المناجنيق ؟ لو أراد القائد أن يقول لهؤلاء المغل الذين معه : ارموا على هذه القلعةمخلاة تراب كلّ واحدٍ كانوا طمّوها وإنما هو يريد أن يأخذها بالأمان من غير سفك دمٍ والله متى عدت رميت حجراً آخر سمَّرتك على سهم المنجنيق