وقدم جميل بن معمر مصر على عبد العزيز بن مروان ممتدحاً فأذن له وسمع مديحه وأسن جائزته وسأله عن حبّ بثينة فذكر وجداً كثيراً فوعده في أمرها وأمره بالمقام وأمر له بمنزل وما يصلحه . فما أقام إلاّ قليلاً حتى مات هناك سنة اثنتين وثمانين للهجرة .
وقال عباس بن سهل الساعدي : بينا أنا بالشام إذ لقيني رجل من أصحابي فقال لي : هل لك في جميل فإنه ثقيل نعوده ؟ فدخلنا عليه وهو يجود بنفسه فنظر إليّ ثم قال : يا بن سهل ما تقول في رجل لم يشرب الخمر قطُّ ولم يزن قط ولم يقتل النفس ولم يسرق يشهد أن لا إله إلاّ الله ؟ قلت : أظنه قد نجا وأرجو له الجنة فمن هذا الرجل ؟ قال : أنا . قلت : والله ما أحسبك سلمت وأنت تشبّب عشرين سنة ببثينة فقال : لا نالتني شفاعة محمد A وإني لفي يوم من آخر أيام الدنيا إن كنت وضعت يدي عليها لريبة . فما برحنا حتى مات .
وقال الأصمعي : حدثني رجلٌ شهد جميلاً لما حضرته الوفاة بمصر أنّه دعا به فقال له هل لك أن أعطيك كلَّ ما أخلّفه على أن تفعل شيئاً أعهده إليك ؟ قال : فقلت : اللهم نعم . قال : إذا أنا متّ فخذ حلّتي هذه واعزلها جانباً وكلّ شيء سواها هو لك وارحل إلى رهط بثينة فإذا صرت إليهم فارتحل ناقتي هذه واركبها ثم البس حلَّتي هذه واشققها ثم اعل على شرفٍ وصح بهذه الأبيات وخلاك ذمٌّ : من الكامل .
بكر النَّعُّي وما كنى بجميل ... وثوى بمصر ثواء غير قفول .
ولقد أجرُّ البرد في وادي القرى ... نشوان بين مزارع ونخيل .
قومي بثينة فاندبي بعويل ... وابكي خليلك دون كلٍّ خليل .
قال : ففعلت ما أمرني به فما استتممت الأبيات حتى خرجت بثينة كأنها بدر في دجنةٍ وهي تتثنى في مرطها حتى أتتني فقالت : والله يا هذا إن كنت كاذباً لقد فضحتني وإن كنت صادقاً لقد قتلتني . قلت : والله ما أنا إلاّ صادق وأخرجت حلته فلما رأتها صاحب بأعلى صوتها وصكّت وجهها واجتمع نساء الحي يبكين معها ويندبنه حتى صعقت فمكثت مغشياً عليها ساعة ثم قامت وهي تقول : من الطويل .
وإنّ سلوِّي عن جميلٍ لساعةٌ ... من الدَّهر ما حانت ولا حان حينها .
سواءٌ علينا يا جميل بن معمر ... إذا متَّ بأساء الحياة ولينها .
ومن شعر جميل C تعالى : من الطويل .
وإني لراضٍ منك يا بثن بالذي ... لو أيقنه الواشي لقرَّت بلابله .
بلا وبأن لا أستطيع وبالمنى ... وبالوعد حتى يسأم الوعد ماطاله .
وبالنظرة العجلى وبالحول نلتقي ... أواخره لا نلتقي وأوائله .
ومنه : من الطويل .
إذا قلت ما بي يا بثينة قاتلي ... من الوجد قالت : ثابتٌ ويزيد .
وإن قلت ردّي بعض عقلي أعش به ... بثينة قالت : ذاك منك بعيد .
وأخبار جميل وشعره مستوفى في الأغاني وتاريخ ابن عساكر .
البغدادي .
جميل بن محمد بن جميل البغدادي من الرؤساء الظرفاء . كان إذا أراد الركوب في كل يوم يقول : اللهم أعوذ بك من السَّبع . فقيل له : تركب في الكرخ وأيّ سبع في الكرخ ؟ فقال : لو أردت ذلك لقلت السَّبع ولكني استعيذ من سبع خصال فأقول : اللهم إني أعوذ بك من السَّبع وأضمرها وهي : اللهم إني أعوذ بك من السّعي الخائب والربح العائب والحائط المائل والميزاب السائل ومشحّمات الروايا والمطايا التي تحمل البلايا والتهور في البلاليع والركايا قلت سبقه أبو العيناء إلى شيء من ذلك فإنه كان يقول إذا خرج من بيته : اللهم أعوذ بك من الركاب والركب والآجرِّ والحطب والروايا والقرب .
جميله .
الصحابية .
جميلة امرأة أوس بن الصَّامت . ويقال اسمها خولة ويقال خويلة . صحابيّة .
امرأة عمر بن الخطاب .
جميلة هذه هي التي غيّر النبي A اسمها . وهي صحابية وقد جاء في بعض الروايات أنها ابنة عمر بن الخطاب Bه . وقال ابن عبد البر وابن ماكولا أنها زوجة عمر بن الخطاب . قال ابن عبد البر : هي جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح الأنصارية اخت عاصم بن ثابت تكنى أمّ عاصم بابنها عاصم بن عمر . وكان اسمها عاصية فغيَّره النبي A وطلّقها عمر فتزوجّت زيد بن حارثة .
إبنة أبي بن سلول الصحابية