ذهب الغبار مع النجيع بصقله ... فكأنه في غمده لم يشهر .
وقال ناصر الدين حسن بن النقيب : .
ولما ترامينا الفرات بخيلنا ... سكرناه منا بالقوى والقوائم .
فأوقفت التيار عن جريانه ... إلى حيث عدنا بالغنى والغنائم .
وقال يوسف بن لؤلؤ الذهبي : .
دعوت هلاوون اللعين بعزمة ... فأغنتك عن سليمان السيوف الصوارم .
وقد كان شيطاناً على كل بلدة ... فأقلع لما جئته بالعزائم .
وقال أيضاً : .
منعوا جانب الفرا ... ت بحد الصفائح .
كيف تحمونه وقد ... جاءهم كل سابح .
وقال الحكيم موفق الدين عبد الله بن عمر الأنصاري : .
الملك الظاهر سلطاننا ... نفديه بالمال وبالأهل .
اقتحم الماء ليطفي به ... حرارة القلب من المغل .
وقال شهاب الدين محمود من أبيات : .
لما تراقصت الرؤوس وحركت ... من مطربات قسيك الأوتار .
خضت الفرات بسابح أقصى منى ... هوج الصبا من فعله الآثار .
حملتك أمواج الفرات ومن رأى ... بحراً سواك تقله الأنهار .
وتقطعت فرقاً ولم يك طودها ... إذ ذاك إلا جيشك الجرار .
رشت دماؤهم الصعيد فلم يطر ... منهم علي الجيش السعيد غبار .
شكرت مساعيك المعاقل والورى ... والترب والآساد والأطيار .
هذي منعت وهؤلاء حميتهم ... وسقيت تلك وعم ذي الإيثار .
وعمر الجسور الباقية إلى اليوم بالساحل والأغوار وأمن الناس في أيامه وطالت إلى أن عاد من وقعة البلستين وأقام بالقصر الأبلق في دمشق فأحس في يوم الخميس رابع عشر المحرم يشرب القمز وبات على هذه الحال ؛ فأحس يوم الجمعة في نفسه توعكاً فشكا ذلك إلى الأمير شمس الدين سنقر السلحدار فأشار عليه بالقيء فاستدعاه فاستعصى عليه فلما كان بعد الصلاة ركب من القصر إلى الميدان على عادته والألم يقوى عليه فلما أصبح اشتكى حرارة في بطنه فصنعوا له دواءً فشربه ولم ينجع فلما حضر الأطباء أنكروا استعماله الدواء وأجمعوا على أن يسقوه مسهلاً فسقوه فلم ينجع فحركوه بدواء آخر فأفرط الإسهال به ودفع دماً محتقناً فتضاعفت حماه وضعفت قواه فتخيل خواصه أن كبده تتقطع وأن ذلك من سم شربه فعولج بالجوهر وذلك يوم عاشره ثم أجهده المرض إلى أن توفي يوم الخميس بعد الظهر الثامن والعشرين من المحرم سنة ست وسبعين وست مائة فأخفوا موته وحمل إلى القلعة ليلاً وغسلوه وحنطوه وصبروه وكفنه مهتاره الشجاع عنبر والفقيه كمال الدين الاسكندري المعروف بابن المبنجي والأمير عز الدين الأفرم . وجعل في تابوت وعلق في بيت من بيوت البحرة بقلعة دمشق . وقد ذكر في ترجمة الملك القاهر عبد الملك بن المعظم عيسى فصل له تعلق بسبب وفاته C تعالى فليؤخذ من هناك . وكتب بدر الدين بيليك الخزندار مطالعة بيده إلى ولده الملك السعيد وركب الأمراء يوم السبت ولم يظهروا الحزن . وكان الظاهر أوصى أن يدفن على السابلة قريباً من داريا وأن يبنى عليه هناك فرأى الملك السعيد أن يدفنه داخل السور فابتاع دار العقيقي بثمانية وأربعين ألف درهم وأمر أن تبنى مدرسة للشافعية والحنفية ودار حديث وقبة للمدفن . ولما نجزت حضر الأمير علم الدين سنجر الحموي المعروف بأبي خرص والطواشي صفي الدين جوهر الهندي إلى دمشق لدفن الملك الظاهر . وكان النائب عز الدين أيدمر فعرفاه ما رسم به الملك السعيد فحمل تابوته ليلاً ودفن خامس شهر رجب الفرد من السنة . فقال محيي الدين ابن عبد الظاهر ومن خطه نقلت : .
صاح هذا ضريحه بين جفني ... فزوروا من كل فج عميق .
كيف لا وهو من عقيق جفوني ... دفنوه منها بدار العقيق .
وقال علاء الدين الوداعي : .
قل للملوك الميتين بجلق ... يهنيكم هذا المليك الجار .
قوموا إليه تلتقوا تابوته ... في جانبيه سكينة ووقار