أبو بكر بن محمد بن قلاوون السلطان الملك المنصور ابن السلطان الملك الناصر ابن السلطان الملك المنصور ؛ أوصى له أبوه بالملك بعده دون أخيه الملك الناصر أحمد وأحمد هو أكبر سناً منه وقد جرى ذكر طرف من هذا في ترجمة بشتاك . فجلس يوم الخميس عشرين ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وسبع مائة ثاني يوم وفاة أبيه وكان الذي قام في أمره الأمير سيف الدين قوصون وخالف بشتاك واشتمل على طاجار الدوادار فحسن له القبض على قوصون وقال له : ما يتم لك أمر وقوصون هكذا فتحدثوا في إمساكه وعنده جماعة من خاصكية والده فاجتمعوا بقوصون وعرفوه أنه قد عزم على القبض عليه وعلى غيره فاتفق قوصون مع الأمير علاء الدين أيدغمش أمير آخور وغيره وخلعوه من الملك ؛ وخذله أيدغمش فإنه أراد الركوب فمنعه ولو قدر اله تعالى له بالركوب لنجا . ولم يمض لقوصون أمر لأن الناس كانوا يقصدون السلطان وكل من لا عنده علم إذا ركب ما يقول إلا السلطان ؟ . وأجلسوا السلطان الملك الأشرف علاء الدين كجك وهو صغير تقدير عمره ست سنين وما حولها وجلس قوصون في النيابة وجهزوا الملك المنصور إلى قوص ومعه الأمير سيف الدين بهادر بن جركتمر مثل الترسيم عليه وأخويه يوسف ورمضان . وعرفوا طاجار الدوادار وقتلوا بشتاك في السجن واعتقلوا جماعة من الأمراء الذين كانوا حوله . ثم دس قوصون عليه عبد المؤمن متولي قوص فقتله وحمل رأسه إلى قوصون سراً في سنة اثنتين وأربعين وسبع مائة وكتموا ذلك . فلما أمسك قوصون تحقق الناس ذلك وجاء من حاقق بهادر وطلبوا عبد المؤمن واعترف بذلك وسمره أخوه الملك الناصر أحمد بالقاهرة . وكان المنصور أبو بكر سلطاناً معطاءً حمل إليه مال بشتاك ومال الأمير سيف الدين آقبغا عبد الواحد ومال الأمير سيف الدين برسبغا ما يقارب الأربعة آلاف درهم وأكثر فوهبها جميعاً لخاصكية والده مثل الأمير سيف الدين ملكتمر الحجازي والأمير علاء الدين الطنبغا المارداني والأمير سيف الدين يلبغا اليحيوي وطاجار الدوادار . ولما جلس المنصور واستقر أمره ألبس الأمير سيف الدين طقزدمر وهو حموه وأجلسه في دست النيابة ولم يكن لمصر نائب بعد الأمير سيف الدين أرغون الدوادار وألبس الأمير نجم الدين ابن شروين وأجلسه في دست الوزارة ولم يكن بعد الأمير علاء الدين مغلطاي الجمالي وزير بالديار المصرية ومشت الأحوال وانتظمت الأمور على أحسن ما يكون ولم يجر بين الناس خلاف ولا وقع سيف ولو ترك القطا ليلاً لنام ورموه بأوابد ودواهي وادعوا أنه ركب في الليل في المراكب في بحر النيل وقالوا أشياء الله اعلم بها . وكانت مدة ملكه شهرين وأياماً C تعالى وسامحه . وكان شاباً حلو الصورة فيه سمرة وهيف قوام . تقدير عمره ما هو حول العشرين سنة . وكان أفحل الإخوة وأشجعهم زوجه والده بنت الأمير سيف الدين طقز دمر ولما جاء أخوه الناصر أحمد عمل الناس عزاءه ودار جواريه في الليل بالداردك في شوارع القاهرة وأبكين الناس ورحمه الناس وتأسفوا عليه لأنه خذل وعمل عليه وأخذ بغتة وقتل غضاً طرياً . ولو استمر لكان جاء منه ملك عظيم . كان في عزمه أن لا يغير قاعدة من فواعد جده المنصور ويبطل ما كان أبوه أحدثه من إقطاعات العربان وإنعاماتهم وغير ذلك .
ابن الرضي .
أبو بكر بن محمد بن الرضي عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار المقدسي الجماعيلي ثم الصالحي القطان الشيخ الصالح المقرئ مسند وقته ؛ ولد سنة تسع وأربعين أو خمسين وست مائة وتوفي سنة ثمان وثلاثين وسبع مائة . أجاز له عيسى الخياط وسبط السلفي وسبط الجوزي ومجد الدين ابن تيمية وخلق . وحضر خطيب مردا والعماد عبد الحميد بن عبد الهادي ثم سمع منه في سنة سبع وسبع مائة ومن إبراهيم بن خليل وعبد الله ابن الخشوعي ومن ابن عبد الدايم والرضي ابن البرهان صحيح مسلم سوى فوت مجهول يسير . وحضر أيضاً محمد بن عبد الهادي وتفرد بأجزاء وعوالي وروى الكثير . أكثر عنه المحب وأولاده وأخوه السروجي والذهلي وابنا السفاقسي وخلق . وكان شيخاً مباركاً خيراً كثير التلاوة حسن الصحبة حميد الطريقة وحدث بأماكن .
بهاء الدين ابن غانم