بقاء بن أحمد بن بقاء بن علي أبو محمد بن أبي شاكر المعروف بابن العليق البغدادي ؛ كان في صباه سيء الطريقة مخالطاً لأهل العيث والفساد ثم إنه تاب وحسنت طريقته وصحب الفقراء حتى عرف واشتهر بصحبتهم ثم إنه انقطع في بيته وصار الناس يغشونه ويطعمهم ما يكون عنده فقصده الفقراء وصار له أتباع وأصحاب . وقصده الأتراك وخدام دار الخلافة والجواري وفتح عليه شيء كثير من المال فبنى لنفسه رباطاً بباب شارع الدقيق وأقام به مظهراً للزهد والتقشف والعبادة فحصل له بذلك ناموس من العوام وكان قد جمع شيئاً كثيراً من أجزاء الحديث وادعى أنه سمع الحديث من جماعة من المتقدمين كأبي منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون وأبي بكر أحمد بن عبد الواحد الدلال وأمثالهما وروى شيئاً من ذلك وكشط أسماء المشايخ القدماء كأبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وأبي القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري وعبد الوهاب الأنماطي وأبي القاسم ابن السمرقندي وأبي محمد يحيى بن علي بن الطراح وأمثالهم وكتب اسمه موضع كل اسم من هؤلاء وألقى الجزء الذي فيه الإجازة في البرز فتلون وخفي موضع الكشط ثم حمله إلى الشيخ أبي الفرج ابن الجوزي فنقله ولم يتحقق الصورة وكذلك نقله عبد الرزاق بن عبد القادر الجيلي واستغفلهما بذلك وكان الناس يرون هذه الإجازة لنقل هذين الشيخين لها فيعتمدون عليهما . وأخفى تلك الأصول فقرأ عليه أحمد بن سلمان الحربي شيئاً كثيراً بهذه الإجازة . ثم ظهرت الأصول بعد ذلك وافتضح وظهر للناس كذبه واختلافه ورجعوا عن السماع منه وأبطلوه .
قال محب الدين بن النجار : ثم إنه كان يحضر عنده جماعة ممن يسمع الحديث ولا يفهم قواعده ويدفع إليه الأصول ويملي طبقةً صحيحة بخط بعض أصحاب الحديث المعروفين ويزيد فيها اسمه ثم يذكر التاريخ فعل ذلك بأكثر من ألف جزء . ولما مات بيعت كتبه في ديوان الزكاة واشتريتها كلها فلقد شاهدت فيها من كذبه واختلاقه وتزويراته وأفعاله القبيحة ما لم يبلغه كذاب قبله ولم أجده في كتاب عن أحد من الكذابين . ومن أعجب الأشياء أنني وجدت جزءاً فيه رباعيات الشافعي تخريج الدار قطني له وكان الجزء بخط الدار قطني وعليه طبقه سماع على أبي الفتح بن البطي وأبي علي بن الرحبي فيها أسماء جماعة منهم بقاء ابن أبي شاكر بن العليق وكاتب الطبقة بخط عبد الله بن محمد بن جرير فنقلت من ذلك الجزء أحاديث ومضيت إلى بقاء إلى رباطه بشارع الدقيق وقرأتها عليه سنة ست مائة ومضى على ذلك سنون ؛ فلما كان في سنة إحدى وثلاثين وست مائة وقع بيدي أصل أبي علي بن الرحبي بذلك الجزء وعليه طباق كثيرة وفيه تلك الطبقة بعينها فتأملتها فلم أجد فيها اسم بقاء من دون الجماعة كلهم فشككت في سماعه وطلبت الأصل الذي بخط الدار قطني وتأملت تلك الطبقة التي عليه بخط ابن جرير وأمعنت النظر فيها . فإذا هي بخط ولد عبد الله بن جرير واسمه محمد وكان يكتب شبيهاً بخط أبيه وإذا هو اجتهد في التشبيه بخط أبيه فثبت عندي بمقتضى الحال أنه فعل ذلك بإشارة بقاء فضربت على سماعي منه وأبطلته ولا أروي عنه إن شاء الله تعالى شيئاً فإنه لا تحل الرواية عن مثله . توفي سنة إحدى وست مائة في الحجاز .
؟ القفصي أبو علي .
بقاء بن أحمد بن محمد القفصي أبو علي المقرئ ؛ روى عنه أبو بكر بن كامل شيئاً من شعره في سلوة الأحزان من جمعه أورد له ابن النجار قوله : .
يا نفس ما الدنيا بدار مقام ... أبدا ولا فيها محل دوام .
فتأهبي لغد فيومك أيوم ... صعب إذا سقّيت كأس حمامي .
وتيقني أن الرحيل وإن نأى ... متقارب واليوم مثل العام .
ابن بكترمش .
بقاء بن بكترمش البغدادي ؛ أورد له محب الدين بن النجار قوله : .
عيس غدت بأحبتي ... ما بالها عدمت قواها .
من غير حاد حثها ... بدرت تسارع في خطاها .
غاضت مواردها سدىً ... حتى يدوم بها صداها .
من ساعة سرت بهم ... عيناي قد عدمت ضياها .
وقوله : .
عزت مداراة من أهواه إذ غضبا ... لولا الهوى كنت آبى الوصل حين أبى .
لكن قلبي أسير في محبته ... لا يستطيع خلاصاً أينما ذهبا