جمال الدين أبي بكر محمد بن الشيخ الإمام الحافظ شمس الدين محمد بن نباته جمع الله به شتات الأدب في دوحة هذه الدولة ولم به شعث ابنائه الذين لا صون لهم ولا صولة وأقام به عماد أبيات العشر التي لولاه لما عرفت دار مية من اطلال خولة بمنه وكرمه اجازة كاتب هذه الأحرف ما له فسح الله في مدته من رواية المصنفات في الأحاديث النبوية والتأليفات الأدبية على اختلاف أوضاعها وتباين أجناسها وأنواعها بحسب ما تأدى ذلك إليه واتصل به من قراءة أو سماع أو اجازة أو وصية أو وجادة من مشايخ العلم الذين أخذ عنهم واجازة ما له أحسن الله إليه من مقول نظماً أو نثراً تأليفاً أو وضعاً اجازة خاصة واثبات ما له من التصانيف إلى هذا التاريخ بخطه الكريم واجازة ما لعله يقع له بعد ذلك اجازة عامة على أحد القولين في المسألة فإن الرياض لا ينقطع زهرها والبحار لا تنفد دررها واثبات ما يحسن ايراده في هذه الاجازة من المقاطيع الرائقة والأبيات اللائقة وذكر نسبه ومولده ومكانه فأجاب بما صورته : بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد حمد الله الذي إذا توجه ذو السؤال إليه فاز وإذا دعى كرمه ذوو الطلب أجاب وأجاز والصلاة على سيدنا محمد كعبة القصد التي ليس بينها وبين النجح حجاز وعلى آله وصحبه حقائق الفضل والفصل ومن بعدهم مجاز فلو لزم في كل الأحوال تناسب المخاطبة وكان جواب السؤال بحسب ما بينهما من شرف المناسبة لما رضى سجع الحمائم لمطارحته نوعاً من الأطيار ولا قبل فصحاء الأول مراجعة الصدى من الديار ولا قنع غمز حواجب الأحبة برد القلوب الهائمة في أودية الأفكار ولكن تقول الأكابر والاتباع تبذل من الأجوبة جهدها وتنفق ما عندها وتجرد الأماثل سيوف النطق ولا تتعدى الأولياء من الطاعة حدها ولما كنت أيها الراقم برود هذا السؤال ببيانه والمنشيء روض هذا الاستدعاء بآثار السحب من بنانه والسائل الذي هزت المعاطف فضائله وسحرت أرباب العقول عقائله وأقام المسؤل مقاماً ليس هو من أهله فليتق الله سائله فريد فن الأدب الذي لا يبارى وبحره الذي لا يهدى غايص قلمه الدرّ إالا كبار وذا اليد البيضاء فيه الذي طالما آنس من جانب ذهنه الشريف ناداً وخليله الذي اطلع على أسراره الدقيقة ورئيسه الذي لو جارى ابن المعتز وتمت ولايته لكان خليل أمير المؤمنين على الحقيقة وناظمه الذي يسرى الطائيّلن تحت علمه المنشور وكاتبه الذي يتبحح العبدان بالدخول تحت رقّة المأثور طالما شافه منه العلم وجها جميلا وقدرا جليلا ولاقى من لا يندم على صحبته فيقول ليتني لم أتخذ فلانا خليلا فهو الغرس الذي يقصر عن آمالي وصفه الشجري ويفخر الدين والعلم بشخصه ولفظه فهذا يقول غرسى وهذا يقول ثمرى كم أغنى بمفرد شخصه عن فضلاء جيل وكم بدا للسمع والبصر من بنات فكره بثينة ومن وجهه جميل وكم تنزهت الأفكار من لفظه وخطّه بين ريحان وورد لا بين أذخر وجليل وكم دام عهده وودّه حتى كاد يبطل قول الأول دليل على أن لا يدوم خليل توّد الشهب لو كانت حصباء غدير طرسه وتغادر الأفق إذا طرز يراع درجه بالظلماء أردية شمسه ويتحاسد النظم والنثر على ما تنتج مقدمات منطقه من النتائج وينشده كل منهما إذا حاول القول خليل الصفا هل أنت بالدار عايج إن كنت أعضي ابن مقلة من الحسد على قذاة وحمل ابن البواب لحجبه عصا القلم قائلاً ما ظلم من أشبه أباه وإن نحا النحو لباه عشراً ولأنت أعطاف الحروف قسراً وتشاجرت الأمثلة على لفظه فلا غرو أن ضرب زيد عمراً يترجل كلام الفارسي بين يديه ويطير لفظ ابن عصفور حذراً من البازي المطل عليه وإن شعر هامت الشعراء بذكره في كل واد وخمل ذكرها في كل ناد ونصبت بيوته على يفاع الشرف كما تنصب بيوت الأجواد طالما بلد لبيدا وولي شعر ابن مقبل منه شربدا وقالت الآداب لبحتري لفظه ألم نربك فينا وليدا وإن نثر فما الدر اليتيم إلا تحت حجره ولا الزهر النضير إلا ما ارتضع من أخلاف قطره ولا المترسلون إلا من تصرف في ولاية البلاغة تحت نهيه وأمره وإن تكلم على فنون الأدب روى الظماء وجلا معاني الألفاظ كالدمى وقال العروض له ولابن أحمد خليلي هبا بارك الله فيكما هذا وكم أثنى قدم علوم الأوائل على فكره الحكيم وشهدت رواية الأحاديث النبوية بفضله وما أعلى من شهد بفضله الحديث