والله المسؤل أن يلهمنا رشداً يدلنا عليه ودلالة تهدينا إلى ما يزلفنا لديه وهداية يسعى نورها بين أيدينا إذا وقفنا يوم العرض بين يديه بمنه وكرمه .
جمال الدين محمد بن نباته محمد بن محمد بن محمد بن الحسن .
ابن أبي الحسن بن صالح بن علي بن يحيى بن طاهر بن محمد بن الخطيب أبي يحيى عبد الرحيم بن نباته الفارقي الأصل المصري المولد الحذاقي الشافعي جمال الدين أبو بكر الأديب الناظم الناثر تفرد بلطف النظم وعذوبة النظم وعذوبة اللفظ وجودة المعنى وغرابة المقصد وجزالة الكلام وانسجام التركيب وأما نثره فإنه الغاية في الفصاحة سلك منهج الفاضل C وحذا حذوه واطفأ نور ابن عبد الظاهر فلم يدع له في القلوب حظوة وأما خطه فأغلى قيمة من الدر لو رزق حظا وأغزر ديمة من الغيث إلا أن الزمان أصح قلبه عليه فظاً لو أنصفه الدهر كان لكتاب إماماً ولو رقاه رتباً يستحقها لغرد سجعه حماماً وانسجم لفظه غماماً وطلع بدر فضله تماماً .
وغضارة الأيام تأبى أن يرى ... فيها لأبناء الذكاء نصيب .
ولذاك من صحب الليالي طالباً ... جداً وفهماً فاته المطلوب .
ولد بمصر في زقاق القناديل سنة ست وثمانين وست مائة ونشأ بالديار المصرية وبها تأديب واشتغل بفني النظم والنثر وسمع ممن أمكنه السماع منه وكان له بالقاضي علاء الدين ابن عبد الظاهر اجتماع وله منه نصيب وورد إلى الشام سنة خمس عشرة تقريباً ومدح أكابرها وأجازوه ومدح الملك المؤيد عماد الدين اسماعيل صاحب حماة فأجازه وجعل ذلك عادة له في كل سنة فمدحه بمدائح حسنة ثم لما مات C استمر بذلك الراتب له ولده الملك الأفضل ناصر الدين محمد وكان يرتحل إلى حلب وطرابلس ثم أن اقتصر آخر أمره على الإقامة بدمشق والانجماع عن الناس وقرره الصاحب أمين الدين أمين الملك C أن يكون في كل سنة ناظر القمامة بالقدس الشريف أيام زيارة النصارى لها فيتوجه يباشر ذلك ويعود وأضيف له إلى نكد الزمان أنه لم يعش له ولد فدفن فيما أظن قريباً من ستة عشر ولداً كلهم إذا ترعرع وبلغ خمساً أو ستاً أو سبعاً يتوفاه الله تعالى فيجد لذلك الآلام المبرحة ويرثيهم بالأشعار الرائقة الرقيقة كتبت إليه في الديار المصرية في سنة تسع وعشرين وسبع مائة استدعاه لاجازته لي صورته : الحمد لله على نعمائه والصلاة والسلام على خير انبيائه محمد وآله وصحبه واصفيائه المسؤل من احسان سيدنا الشيخ الإمام العالم العلامة رحلة الأدب قبلة ذوي التحصين له في التحصيل والدأب الذي تبيت شوارد المعاني صرعي تخوله للطافة تخيله وتمسي الألفاظ العذبة طوع تحوله في التركيب وتحيله فأمسى وله النسيب الذي يضحك من العباس من رقته ويقيم صريع الغواني إلى مقته بعد مقته والغزل الذي يشيب له فود الوليد ويسترق الحر من كلام عبيد والتشبيه الذي لو علمه ابن المعتز لما نصب الهلال فخاً لصيد النجوم ولو تعاطاه حفيد جريج لقيل له ألم تسمع ألم غلبت الروم والمديح الذي لو بلغ زهيراً لقال ما أنا من هذه الحدائق أو اتصل نبأه بالمتنبي لاشتغل عن ذكر العذيب وبارق والرثاء الذي نقص عنده أبو تمام بعد أن رفع له لواء الشرف والفخر وقال هذه عذوبة الزلال لا ما تفجر من الخنساء على صخر والترسل الذي سقى الفاضل كأس الحتوف لما شبه الغمود بالكمائم والسيوف بالأزهار وأذهله حتى صحت له قسمة التجنيس في الخيل والخيال بين المراقب والمراقد واخطأت معه في المرابع والمساجد بين الأنواء والأنوار والكتابة التي تغدو الطروس بها وكأنها برود محبرة أو سماء بالنجوم زاهرة أن لم ترض أن تكون في الأرض رياضاً مزهرة .
أدب على الحصري يعلو تاجه ... وله ابن بسام بكي ألوانا .
وترسل سبحان من قد زاده ... منه أعطى الفاضل النقصانا .
وكتابة لعلوها في وضعها ... ليس ابن مقلة عندها انسانا .
فلكم أخي فضل رأيت عيناه في ال ... أوراق لابن نباته بستانا