أيوب بن زيد بن قيس بن زرارة بن سلمة بن جشم بن مالك ينتهي إلى عدنان المعروف بابن القرية - بكسر القاف وتشديد الراء والياء آخر الحروف - والقرية جدته واسمها خماعة بنت جشم بن ربيعة بن زيد مناة بن عوف بن سعد بن الخزرج كان أعرابياً أمياً وهو معدود من جملة خطباء العرب المشهورين بالفصاحة والبلاغة كان قد أصابته السنة فقدم عين التمر وعليها عامل للحجاج بن يوسف وكان العامل يغدي كل يوم ويعشي فوقف ابن القرية ببابه فرأى الناس يدخلون فقال : أين يدخل هؤلاء ؟ قالوا : إلى طعام الأمير فدخل فتغدى وقال : أكل يوم يصنع الأمير ما أرى ؟ فقيل : نعم . وكان يأتي كل يوم بابه للغداء والعشاء إلى أن ورد كتاب من الحجاج على العامل وهو عربي غريب لا يدري ما هو فأخر لذلك طعامه فجاء ابن القرية فلم ير العامل يتغدى فقال : ما بال الأمير لا يأكل ولا يطعم ؟ فقالوا : اغتم لكتاب ورد عليه من الحجاج عربي غريب لا يدري ما هو قال : ليقرئني الأمير الكتاب فأنا أفسره إن شاء الله تعالى . وكان خطيباً لسناً بليغاً فذكر ذلك للوالي فدعا له فلما قرئ الكتاب عليه عرف الكلام وفسره للوالي حتى عرف جميع ما فيه فقال له : أفتقدر على جوابه ؟ قال : لست أقرأ ولا أكتب ولكن ادع كاتباً يكتب ما أمليه ففعل فكتب جواب الكتاب فلما قرئ الكتاب على الحجاج رأى كلاماً عربياً غريباً فعلم أنه ليس من كلام كاتب العامل ولا كتاب الخراج فدعا برسائل عين التمر فنظر فيها فرآها ليست ككتاب ابن القرية فكتب الحجاج إلى العامل : أما بعد فقد أتاني كتابك بعيداً من جوابك بمنطق غيرك فإذا نظرت إلى كتابي هذا فلا تضعه من يدك حتى تبعث بالرجل الذي صدر لك الكتاب والسلام