ولم ينل أحد من السعادة في نيابة دمشق ما ناله ولا حصّل ما حصله من المماليك والجواري والخيل والجواهر والأمتعة والقماش ولا تمكن أحد من النّواب تمكنه . كان يكتب إلى مصر بكلّ ما يريد في حلب وطرابلس وحماة وصفد وسائر ممالك الشام من نقل وإضافةٍ وإمساك ونقل إقطاعات وغيرها فلا يردّ في شيء ممّا يكتبه ولا يخالف في جليل ولا حقير . إلى أن زاد الأمر وأفرط هو في معارضة القضاة الأربع وعاكسهم وثقلت وطأته على الناس إلى أن حضر الأمير سيف الدين ألجيبغا نائب طرابلس في ليلة يسفر صباحها عن يوم الخميس ثالث عشرين شهر ربيع الأول سنة خمسين وسبعمائة فاتفق في الليل هو والأمير فخر الدين أياز السلاح دار وجاءوا إليه إلى باب القصر الأبلق وهو به مقيم فدقّا الباب الثلث الأخير وازعجاه وكان كلما خرج طواشٍ أمسكاه وسمع هو الغلبة فأنكر ذلك فخرج وبيده سيف بتخفيفةٍ وسرموزة فلما رآهما سالّم نفسه وقال : يا أمراء انقضى شغلكم فأمسكاه وأراد يدخل ليلبس قباءً فألبسه الأمير فخر الدين قباءه وتوجها به إلى دار الأمير فخر الدين أياز وقيّداه بقيدٍ ثقيل إلى الغاية . ونقل إلى زاوية المنيبع ورسّم عليه الأمير علاء الدين طيبغا القاسمي فأقام هناك يوم الخميس إلى العشاء الآخرة فدخل مملوكه الذي يخدمه فوجده مذبوحاً وفي يده السكين فوقف عليه بنائب الحكم والعدول وكتب بذلك مكتوب شرعي وجهزّ صحبة سيفه على يد الأمير سيف الدين تلك أمير علم إلى الديار المصرية ودفن بمقابر الصوفية . وقلت أنا فيه : .
تعجبت من أرغون شاه وطيشه ال ... ذي كان منه لا يفيق ولا يعي .
وما زال في سكر النيابة طافحاً ... إلى حين غاضت نفسه في المنيبع .
راس نوبه .
أرغون العلائي الأمير سيف الدين الناصري رأس نوبة الجمدارية من أيام استاذه ؛ أخرجه الأمير سيف الدين قوصون الناصري في الأيام الأشرفية كجك إلى صفد فورد إليها جندياً فيما أضن وكان أميراً بطبلخاناه في حياة أستاذه فأقام بصفد قليلاً . ولمّا حضر الفخري إلى دمشق في أيام كجك حضر إليه وكان معه وتوجه إلى مصر وهو زوج والدة الصالح إسماعيل والكامل شعبان ولدي الملك الناصر الآتي ذكرهما إن شاء الله تعالى في مكانيهما ولّما تولى السلطنة الصالح إسماعيل كان هو مدبر دولته لأنّه زوج أمّه فدبّرها جيداً وساعفته الأقدار ولم يزل على الناصر أحمد بالكرك إلى أن فتحت الكرك وقتل أحمد كما مرّ في ترجمته . وكثرت إقطاعاته وأملاكه وامواله وضماناته ولم يزل كذلك أكبر من النواب بالديار المصرية وهو باقٍ على وظيفته رأس نوبة الجمدارية إلى آخر وقت واستمر على ذلك أيام الكامل شعبان إلى أن خرج أمراء مصر عليه وخلعوه وضرب الأمير سيف الدين أرغون هذا في وجهه بسيف وقيل بطبرٍ ضربة مهولة وكانت جراحةً نجلاء وأمسك واعتقل وذلك في أول دولة المظفر حاجي . قيل إنّ الذي ضربه الأمير سيف الدين أرغون شاه وقيل غيره وشاع أنه طُلب من الإسكندرية بعد قتله الحجازي وآقسنقر فخرج إليه الأمير سيف الدين منجك إلى الطريق وقتله سنة ثمان وأربعين وسبعمائة .
الشمسي .
أرغون الأمير سيف الدين الشمسي أحد أمراء الطبلخانات بدمشق . توفي C في العشر الأول من شعبان سنة خمسين وسبعمائة .
نائب حلب