ثم إنه بعثه إلى الملك الناصر محمد بن قلاوون هو والأمير سيف الدين ملكتمر البوسعيدي فحظي الأمير سيف الدين أرغون شاه عند السلطان الملك الناصر محمد وتزوج بابنة الأمير سيف الدين أقبغا الناصري . ولم يزل إلى أن توجه قطلوبغا لفخري لحصار الناصر بالكرك فكان ممّن جرّد معه من جملة الألفين وحضر معه إلى دمشق وتوجه إلى القاهرة وأقام بها على حاله إلى أن توفي الملك الصالح إسماعيل وقام بعده بالأمر الملك الكامل شعبان فجعله استاذ دار السلطان . فلما خلع الكامل كان هو الذي ضرب الأمير سيف الدين أرغون العلائي في وجهه وقيل إنَّ الضارب غيره . وعظم أمره أول دولة المظفر فما كان بعد ثلاثة أشهر حتى دخل هو والنائب الأمير سيف الدين الحاج أرقطاي واجتمعا بالسلطان وخرجا فجاء إليه تشريف فقال : ما هذا ؟ قيل : إن مولانا السلطان رسم لك بنيابة صفد . فقال : أريد اجتمع بالسلطان فما مكّن . وقيل له : ما بقي لك أن تجتمع به ؟ فقال : أريد أن أقول له شيئاً فقيل له : اكتب إليه بما تريد من صفد في البريد . وأخرج في خمسة سروج فوصل إليها على البريد في أوائل شوال سنة سبع وأربعين وسبعمائة فدبرها جيداً وأقام بها المهابة والحرمة وأمّن بها السبل . وأقام بها نائباً إلى العشر الأواخر من صفر سنة ثمان وأربعين وسبعمائة فطلب إلى مصر فتوجه إليها ورسم له بنيابة حلب عوضاً عن الأمير سيف الدين بيدمر البدري ودخل إلى دمشق في سادس عشر شهر ربيع الأول دخولاً عظيماً جاء على البريد . وأقام على قصر معين الدين إلى أن جاء إليه طلبه من صفد ودخل دمشق مطلباً برختٍ عظيم وأبهة زائدة والجميع برنكه بسروج ذهب مرصعة وكنابيش زركش وقلائد مرصعة وسرفسارات غربية مذهبة . ثم إنّه لما أمسك الأمير سيف الدين يلبغا نائب الشام بحماة وجرى له ما جرى على ما يأتي ذكره في ترجمته إن شاء الله تعالى رسم له بنيابة الشام فحضر إليه الأمير شمس الدين آقسنقر أمير جاندار وتوجه إليه إلى حلب ووصلا إلى دمشق في بكرة الثلاثاء سابع عشر جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة . ولما عاد شمس الدين آقسنقر أعطاه خمسة عشر فرساً منها خمسة عربيات بسروجها ولجمها وكنابيشها وأحد عشر إكديشاً وجارية بخمسة آلاف درهم وقيل جاريتان وأربعين ألف درهم ومائة قطعة قماش والتشريف الذي لبسه لنيابة الشام بالكلوتة والطرز والحياصة والسيف المحلّي وألف اردب من مصر . وكان قد أعطاه في حلب ألف وخمسمائة دينار وغير ذلك وكان قد شرط له كلّ شفاعةٍ يشفعها يمضيها له من حلب وفي الطريق وإلى أن توجه من دمشق . وأقام في دمشق قريباً من ثلاثة أشهر ولم يسأله في شيء من ولاية وعزل إلاّ أجابه إلى ذلك . وقدّم إليه وهو في سوق الخيل نصراني من الزبداني رمى مسلماً بسهم نشّابٍ قتله فأمره بتفصيله فقطعت يداه من كتفيه ورجلاه من فخذيه وحزّ رأسه وحملت أعضاؤه على أعواد وطيف بها فارتعب الناس لذلك فقلت : .
لله أرغون شاهٍ ... كم للمهابة حصّل .
وكم بسيف سطاه ... من ذي ضلالٍ تنصّل .
ومجمل الرعب خلّى ... بعض النصارى مفصّل