لا يستترن منه ثم صرنا إلى أبي العباس أحمد بن يحيى فلما غص المجلس سألته عن البيت فقال قال ابن الأعرابي : إن الهاء في إنه للشباب وإن لم يجر له ذكر لأنّه علم والتفتّ إلى القاسم والحسن وقلت : أين صاحبنا من صاحبكم . وقال ابن فارس : كان أبو العباس ثعلب لا يتكلّف الإعراب كان يدخل المجلس فنقوم له فيقول : أقعدوا أقعدوا بفتح الألف . وقال غيره : كان يقتّر على نفسه في النفقة . وقال الصولي : كنّا عند ثعلب فقال له رجل : المسجد هذا معروفٌ فما المصدر ؟ قال : مصدره السجود قال : فعرّفني ما لا يجوز من ذا فقال لا يقال مسجد وضحك . وقال هذا يطول إن وصفنا ما لا يجوز وإنّما يوصف الجائز ليدل على أن غيره لا يجوز . ومثل ذلك أن ماسويه وصف لإنسان دواءً ثم قال له : كل الفرّوج وشيئاً من الفاكهة فقال : أريد أن تخبرني بالذي لا آكل فقال : لا تأكلني ولا حماري ولا غلامي واجمع كثيراً من القراطيس وبكّر إليّ فإن هذا يكثر إن وصفته لك . وأجرى له محمد بن عبد الله بن طاهر لأجل ابنه طاهر في كل يوم سبع وظائف من الخبز الخشكار ووظيفة من الخبز السميد وسبعة أرطال لحم وعلوفة رأس وألف درهم كل شهر وأقام كذلك ثلاث عشرة سنة . وقرأ القطربّلي على أبي العباس بيت الأعشى : .
فلو كنت في حبٍّ ثمانين قامة ... ورقّيت أسباب السّماء بسلّم .
فقال أبو العباس : خرب بيتك أرأيت حبّاً قط ثمانين قامة ؟ إنّما هو جبّ . وكان بين المبرد وثعلب منافرات كثيرة فجاء رجل إلى ثعلب فقال له : يا أبا العباس قد هجاك المبرد . فقال : بماذا ؟ فأنشده : .
أقسم بالمبتسم العذب ... ومشتكى الصبّ إلى الصبَّ .
لو أخذ النحو عن الرّبّ ... ما زاده إلاّ عمى القلب .
فقال : أنشدني من أنشده أبو عمرو بن العلاء : .
يشتمني عبد بني مسمعٍ ... فصنت عنه النفس والعرضا .
ولم أجبه لاحتقاري به ... من ذا يعضّ الكلب إن عضّا .
وقال بعض أصحابه يرثيه : .
مات ابن يحيى فماتت دولة الأدب ... ومات أحمد أنحى العجم والعرب .
فإن تولّى أبو العباس مفتقداً ... فلم يمت ذكره في الناس والكتب .
قال أبو بكر ابن مجاهد المقرىء : قال لي ثعلب : يا با بكر اشتغل أصحاب القرآن بالقرآن فازوا واشتغل أصحاب الفقه ففازوا واشتغل أصحاب الحديث بالحديث ففازوا واشتغلت أنا بزيد وعمرو فليت شعري ماذا يكون حالي في الآخرة ؟ . فانصرفت من عنده فرأيت النبي A تلك الليلة في المنام فقال لي : أقرىء أبا العباس عنّي السلام وقل له أنت أصحاب العلم المستطيل . وقال أبو عمر المطرز : كنت في مجلس أبي العباس ثعلب فسأله سائل عن شيء فقال لا أدري . فقال له : أتقول لا أدري وإليك تضرب أكباد الإبل وإليك الرحلة من كل بلد ؟ فقال أبو العباس : لو كان لأمك بعدد لا أدري بعرٌ لاستغنت . وله من الكتب المصون في النحو جعله حدوداً . اختلاف النحويين . معاني القرآن . كتاب في النحو سماه الموفقي . معاني الشعر . التصغير . ما ينصرف وما لا ينصرف . ما يجري وما لا يجري . الشواذّ . الوقف والابتداء . الهجاء استخراج الألفاظ من الأخبار . الأوسط . غريب القرآن لطيف المسائل . حدّ النحو . تفسير كلامه ابنه الخسّ . الفصيح . وذكر أن الفصيح تصنيف الحسن بن داود الرّقيّ وادعاه ثعلب وقيل ليعقوب بن السكيت وقد تقدّم ذلك . وسئل عن قولهم : لا أكلمك أصلاً قال : معناه أقطع ذلك من أصله .
أبو المظفر الزهري الشافعي .
أحمد بن يحيى بن عبد الباقي بن عبد الواحد الزّهري أبو المظفر الشافعي المعروف بابن سعدان . كان معيداً بالنّظامية سمع أبا المعالي ثابت بن بندار البقال وعلي بن أحمد بن بيان الرزّاز وحدّث باليسير . مولده سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة .
أخوه أبو الفضائل .
أحمد بن يحيى بن عبد الباقي الزهري أخو المذكور أولاً أبو الفضائل وهما سبطا الحسين بن علي الحبال وبإفادته سمعا وكان الآخر معيداً بالنظامية وأبو الفضائل هذا كان يعظ في بعض الأوقات ثم انقطع برباط بهروز مدة . سمع أبا الحسن علي بن محمد بن علي بن العلاف ومحمد بن محمد بن المهتدي وحدث باليسير . ومولده سنة تسع وتسعين وأربعمائة .
أبو الحسن ابن المنجم