أحمد بن يحيى بن إسحاق ابن الراوندي أبو الحسين من أهل مرو الرّوذ . سكن بغداذ وكان من متكلمي المعتزلة ثم فارقهم وصار ملحداً زنديقا . قال القاضي أبو علي التنوخي : كان أبو الحسين ابن الراوندي يلازم أهل الإلحاد فإذا عوتب في ذلك قال إنما أريد أعرف مذاهبهم . ثم إنه كاشف وناظر ويقال إن أباه كان يهودياً فأسلم وكان نقض اليهود يقول للمسلمين لا يفسدنّ عليكم هذا كتابكم كما أفسده أبوه التوراة علينا . ويقال إن أبا الحسين قال لليهود قولوا إن موسى قال لا نبيّ بعدي . وذكر أبو العباس أحمد ابن أبي أحمد الطبري أن ابن الراوندي كان لا يستقر على مذهب ولا يثبت على انتحال حتى ينتقل حالاً بعد حالٍ حتى صنف لليهود كتاب البصيرة رداً على الإسلام لأربعمائة درهم فيما بلغني أخذها من يهود سامراً . فلما فبض المال رام نقضها حتى أعطوه مائتي درهم فأمسك عن النقض . وقال محمد ابن إسحاق النديم قال البلخي في كتاب محاسن خراسان : أبو الحسين أحمد ابن الراوندي من أهل مرو الرّوذ من المتكلمين ولم يكن في زمانه في نظرائه أحذق منه بالكلام ولا أعرف بدقيقه وجليله منه . وكان في أول أمره حسن السيرة جميل المذهب كثير الحياء ثم انسلخ من ذلك كلّه لأسباب عرضت له ولأن علمه كان أكثر من عقله فكان مثله كما قال الشاعر : .
ومن يطيق مزكّى عند صبوته ... ومن يقوم لمستورٍ إذا خلعا