تنغّض بالتباعد طيب عيشي ... فلا شيء أمر من الفراق .
كتابك إذ هو الفرج المرجّى ... أطبّ لما ألم من الفراق .
وأورد له أيضاً : .
أتأذنون لصبٍّ في زيارتكم ... إن كان مجلسكم خلواً من الناس .
فأنتم الناس لا أبغي بكم بدلاً ... وأنتم الراس والإنسان بالرّاس .
وكدكم لمعالٍ تنهضون بها ... وغيركم طاعم مسترجع كاسي .
وليس يعرف من أيام عيشته ... سوى التلهي بأيرٍ قام أو كاس .
لدى المكايد إن راجت مكايده ... ينسى الإله وليس الله بالناسي .
وأورد له يمدح أبا الفتح البستي : .
مضى أكثر الأيام في ظلّ نعمةٍ ... على رتبٍ فيها علوت كراسيا .
فآل عراقٍ قد غذوني بدرهم ... ومنصور منهم قد تولّى غراسيا .
وأولاد مأمونٍ وقهم علّيهم ... تبدّى بصنعٍ صار للحال آسيا .
وآخرهم مأمون رفّه حالتي ... ونوّه باسمي ثم رأس راسيا .
ولم ينقبض محمود عني بنعمة ... فأقنى وأغنى مغضياً عن مكاسيا .
عفا عن جهالاتي وأبدى تكرماً ... وطرّى بجاهٍ رونقي ولباسيا .
عفاء على دنياي بعد فراقهم ... وواحزني إن لم أزر قبر آسيا .
ولما مضوا واعتضت منهم عصابةً ... دعوا بالتناسي فاغتنمت التناسيا .
وخلَفت في غزنين لحماً كمضغةٍ ... على وضمٍ للطير للعلم ناسيا .
فأبدلت أقواماً وليسوا كمثلهم ... معاذ إلهي أن يكونوا سواسيا .
وهي طويلة .
قلت : شعر جيد ويا عجبا كل العجب من نظم مثل هذا الرجل هذا النظم إذ ليس هذا فنّه ولا عرف به ذلك فضل الله .
أبو المختار النوبندجاني .
أحمد بن محمد أبو المختار الشريف العلوي النّوبندجاني ذكره العماد الكاتب في الخريدة فقال : شاعر مفلق كثير الشعر كان معاصر الأرجاني وطبقته ومن شعره : .
اخضرَّ بالزّغب المنمنم خدّه ... فالخدُّ ورد بالنفسج معلم .
يا عاشقيه تمتّعوا بعذاره ... من قبل أن يأتي السواد الأعظم .
وكتب إلى بعض الأمراء : .
مررت على كلاب الصيد يوماً ... وقد طرح الغلام لها سخالا .
فلو أنّي ومن تحويه داري ... كلابك لم نجد أبداً هزالا .
فقل ما شئت في شيخٍ شريفٍ ... يكون الكلب أحسن منه حالا .
ولما توفي القاضي عماد الدين قاضي شيراز رثاه الشريف المذكور وكانت وفاته ليلاً : .
على قاضي القضاة نسيج وحده ... سلام لا يزال حليف لحده .
سرى ليلاً إلى الرحمن شوقاً ... فسبحان الذي أسرى بعبده .
أبو الرقعمق .
أحمد بن محمد الأنطاكي المنبور بأبي الرقعمق الشاعر المشهور . ذكره الثعالبي في اليتيمة وقال : هو نادرة الزمان وجملة الإحسان وممن تصرف بالشعر في أنواع الجد والهزل وأحرز قصبات الخصل وهو أحد المدّاح المجيدين والشعراء المحسنين وهو بالشام كابن حجّاج بالعراق . فمن غرر محاسنه قوله يمدح الوزير ابن كلّس : .
قد سمعنا مقاله واعتذاره ... وأقلناه ذنبه وعثاره .
والمعاني لمن عنيت ولكن ... بك عرّضت فاسمعي يا جاره .
من تراديه أنّه أبد الده ... ر تراه محللاً أزراره .
عالم أنّه عذاب من الل ... ه مباح لأعين النظّاره .
هتك الله ستره فلكم ه ... تّك من ذي تسترٍ أستاره .
سحرتني ألحاظه وكذا ك ... لُّ مليحٍ عيونه سحاره .
ما على مؤثر التباعد والإع ... راض لو آثر الرّضا والزياره .
وعلى أنني وإن كان قد ع ... ذّب بالهجر مؤثر إيثاره .
لم أزل لا عدمته من حبيبٍ ... أشتهي قربه وآبى نفاره .
منها : .
لم يدع للعزيز في سائر الأر ... ض عدواً إلا وأخمد ناره .
كلّ يومٍ له على نوب الده ... رِ وكرّ الخطوب بالبذل غاره